التفاسير

< >
عرض

لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ
١
-قريش

تيسير التفسير

متعلق بيعبد ولا تمنع الفاء من ذلك لأَنها صلة لتأكيد الربط وتلويحاً لمعنى الشرط أى إن نعم الله تعالى غير محصورة فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لنعمة الإيلاف وإنما تمنع التقديم لمعمول ما بعدها عنها لو كانت فى جواب شرط محقق وهو المتبادر وهو قول الخليل وعلقه الكسائى والفراء بفعل أمر محذوف أى أعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاءِ والصيف وتركهم عبادة الله تعالى الذى أعزهم ورزقهم وأمنهم وفرع على ذلك بقوله رب هذا البيت. الخ وعلقه الأخفش بمحذوف تقديره فعلنا ما فعلنا من إهلاك أصحاب الفيل وأهلكنا أصحاب الفيل لإيلاف لدلالة آخر اسورة قبلها عليه بناءً على أنه لا يجوز تعليق ما فى أول السورة فى آخر ما قبلها إذ لم يوجد فى القرآن ولكن إذا صار إلى هذا التقدير فليعلقه بجعلهم فى آخر السورة وقد روى عنه أنه علقه به لصحة المعنى والقرب وعدم حذف وتقديم وتأخير وتأويل ومع ذلك كله ومع كون القرآن كالسورة الواحدة يمتنع عندى لوجوب المحافظة على أن تكون كل سورة مستقلة والقول بأنهما سورة واحدة فيسوغ التعليق كما أنه قول جماعة يرده الفصل بالتسمية المتواترة نطقاً وخطاً وروى أن البسملة لم توجد فى مصحف أبى لكن روى أيضاً أنها وجدت فيه والمثبت مقدم على النافى ويروى أنه يراهما سورة واحدة ويعتقد ذلك ولم يبسمل خطأ فى كتابه ولا يقرأ البسملة بينهما، وعن عمر بن ميمون صليت المغرب خلف عمر فقرأ فى الأُولى والتين وفى الثانية ألم تر. الخ ولإيلاف قريش بلا بسملة قلنا لعله لا يصح ذلك وإن صح فلعله قرأها بمقدار لا يسمعه والتواتر نطقاً وكتابة يأتى على ذلك كله وكل الصيد فى جوف الفرا وهو حجة لا محيد عنها، وفى الترمذى عن سعيد بن زيد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من أراد هوان قريش أهانه الله" ، وفى الترمذى عن ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اللهم أذقت أول قريش نكالاً فأذق آخرهم نوالاً" ، وعن الزبير بن العوام وسعيد بن المسيب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنَّ الله تعالى فضل قريشاً بصورة لم يذكر فيها غيرهم لإيلاف قريش" وعنه - صلى الله عليه وسلم - "أن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كناية واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم" رواه مسلم عن واثلة بن الأًسقع، ويروى "اصطفى عبد المطلب من بني هاشم واصطفى أبي من عبد المطلب واصطافاني من أبي" . وفى مسلم عن جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الناس تبع لقريش في الخير والشر" ، وفى البخارى ومسلم "الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم" ، وعن أُم هانىء بنت أبى طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " فضل الله قريشاً بسبع خصال لم يعطها أحد قبلهم ولا أحد بعدهم أني فيهم والخلافة فيهم والحجابة فيهم والسقاية فيهم ونصروا على الفيل وعبدوا الله تعالى سبع سنين لم يعبده فيها أحد سواهمونزلت فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم لإيلاف قريش" "، وفى رواية النبوة فيهم بدل إنى فيهم وعشر سنين بدل سبع سنين ويناسب أنهما سورتان أن فواصل لإيلاف ليس على طريقة الم تر ولا يحتج بهذا لأنه يقع أيضاً فى سورة واحدة وإيلاف مصدر ألف بهمزة وألف مبدلة من همزة بوزن أكرم والياءِ فى الآية بدل من همزة وليست همزة ألف للتعدية بل هو كالثلاثى ألف كفرح فكلاهما متعد لواحد والمراد مؤالفتهم رحلة الشتاءِ والصيف أو معاهدتهم لها من آلفة بمعنى عاهده والوزن واحد هو أفعل كأكرم أى هى شىء اعتادوه لتفضل الله تعالى عليهم فيها بعدم الخوف ويجوز أن يكون للتعدية فالأصل إيلاف الله قريشاً إيلافه إياهم رحلة أى تصييره إياهم ألفين وقريش ولد النضر بن كنانة على الأصح سميت به القبيلة وهى من تناسلوا عنه وقد سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قريش فقال مَن ولد النضر بفتح الميم والدال وضم الراءِ وإذا صحت الرواية لم يعدل عنها وقيل ولد فهر بن مالك بن النضير ونسب للجمهور وأجمع عليه النسابون من قريش وغيرهم فيما قال الزبير بن بكار واسمه قريش وفهر لقبه وأبو غالب كنيته وقيل قريش ولد مخلد بن النضر وهو ضعيف وقيل لا ولد للنضر إلاَّ مالك وقيل قريش هو كلاب لقب لكثرة صيده بالكلب وقيل لكثرة مكالبته للأعداء أى معالجته لهم ووثوبه عليهم واسمه عروة، وزعم الشيعة أن قريشاً ولد قصى ليدخل على دون عمر وأبى بكر إذ هما فوق قصى وهو تصغير قرش وهو دابة أقوى دواب البحر تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى، وقيل مأخوذ من التقرش وهو الكسب والتجمع لكثرة تجرهم وجمعهم الفضائل، وقيل من التقريش وهو التفتيش لأن أباهم يفتش عن أصحاب الحاجات ليقضيها وتابعوه فى ذلك وقيل من التقرش وهو التجمع كانت قريش متفرقين فجمعهم الى الحرم وسكنوه قال بعضهم:

أبونا قريش كان يدعى مجتمعاً به جمع الله القبائل من فهر

وروى:

أبونا قصى كان يدعى مجمعاً به جمع الله القبائل من فهر

والتصغير على كل حال للتعظيم سواءَ أقلنا من القرش على الأصل أو من التقرش أو التقريش على الترخيم بحذف والزوائد.