التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
١٠
-الممتحنة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ابتداء كلامٍ وادب آخر للمؤمنين ولذلك صدّره بالنّداء جبراناً لكلفة التّأديب وتنشيطاً فى الاستماع { إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ } بان تختبروا موافقة قلوبهنّ لالسنتهنّ بان يحلفن ما خرجن من بغض زوجٍ ولا رغبةٍ من ارضٍ الى ارضٍ ولا التماس ديناً وما خرجن الاّ حبّاً لله، وعلى هذا كان معنى مؤمناتٍ مذعناتٍ ومصدّقاتٍ، او مشرفاتٍ على الاسلام، قيل: صالح رسول الله (ص) بالحديبيّة على انّ من أتاه من اهل مكّة ردّه عليهم، ومن أتى اهل مكّة من اصحاب رسول الله (ص) لم يردّوه، فجاءت سبيعة بنت الحارث مسلمةً بعد الفراغ من الكتاب والنّبىّ (ص) بالحديبيّة فأقبل زوجها مسافر من بنى مخزوم فى طلبها وكان كافراً فقال: يا محمّد اردد علىّ امرأتى فانك قد شرطت اليوم ان تردّ علينا من أتاك منّا، فنزلت الآية فأعطى رسول الله (ص) زوجها مهرها وما انفق عليها ولم يردّها عليه فزوّجها عمر بن الخطّاب وكان رسول الله (ص) يردّ من جاءه من الرّجال ويحبس من جاءه من النّساء، اذا امتحنّ { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ } وانّما يأمركم بالامتحان ليظهر عليكم ايضاً ايمانهنّ { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ } فى موضع التّعليل { وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } روى انّه قيل للصّادق (ع): انّ لامرأتى اختاً عارفةً على رأينا بالبصرة وليس على رأينا بالبصرة الاّ قليلٌ فازوّجها ممّن لا يرى رأيها؟ - قال: لا، ولا نعمة؛ انّ الله يقول: فلا ترجعوهنّ الى الكفّار (الآية) { وَآتُوهُم } اى آتوا الكفّار { مَّآ أَنفَقُواْ } على تلك النّساء من المهر وغيره { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ } ترخيص لهم فى نكاحهنّ بعد اسلامهنّ { إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } مهورهنّ سمّاها اجوراً لانّ المهر اجر لبذل البضع، وهذا يدلّ على عدم الاكتفاء فى مهورهنّ بمهورهنّ الاولى المردودة الى ازواجهنّ { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } يعنى كما انّ المؤمنات لا يحللن للكفّار فكذلك المؤمنون لا يحلّون للكافرات، والعصم جمع العصمة بكسر العين وقد يضمّ القلادة، وهذه الآية كما تدلّ على حرمة المشركات تدلّ على حرمة الكتّابيّات { وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ } ان لحقت منكم امرأة بالكفّار { وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } يعنى اذا كان بينكم معاهدة فاسئلوا انتم ما أنفقتم وليسألوا ايضاً ما أنفقوا ولا تُرجعوا النّساء الملحقات بكم منهم اليهم ولا تستردّوا الملحقات بهم منكم { ذَلِكُمْ } المذكور من حكم الملحقات بهم وبكم { حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } به { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } بالمصالح والغايات المترتّبة على الافعال والاحكام { حَكِيمٌ } لا يفعل فعلا الاّ بغايات محكمة نافعة ولا يحكم حكماً الاّ لمصالح عديدةٍ وغاياتٍ شريفةٍ.