{ فإذا قرأت القرآن }، قيل: أردت قراءة القرآن { فاستعذ بالله } أي اطلب الملجأ إلى الله والفزع إليه { من الشيطان الرجيم }، قيل: اللعين المبعّد من الرحمة، وقيل: المرمى بالشهب { إنه ليس له سلطان } يعني طريق يتسلط بها { على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون } { إنما سلطانه }، قيل: قوته وحجته { على الذين يتولونه } أي يتولون الشياطين باتباعهم واتباع آثارهم { والذين هم به مشركون }، قيل: الذين هم بالله مشركون، وقيل: به كناية عن الشيطان يعني الذين هم بالشيطان مشركون فيما يدعو إليه من عبادة الأوثان { وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل } الآية نزلت في المشركين حين قالوا: أن محمداً يسخر بأصحابه يأمرهم اليوم بأمر وينهاهم عنه غداً ما هو يقوله إلاَّ من تلقائه فنزلت الآية، وإذا بدّلنا آية مكان آية يعني نسخنا حكم آية أخرى لما في النسخ من المصلحة، وقيل: إذا نسخنا آية فرفعنا تلاوتها وحكمها بآية، وقيل: هي الشريعة التي كانت معمولاً بها في أهل الكتب المتقدمة { بل أكثرهم لا يعلمون } أن الله أعلم بالمصالح { قل } يا محمد { نزله } يعني القرآن وتبدل الآيات { روح القدس } جبريل { ليثبت الذين آمنوا } أي يكون لطفاً لهم { وهدى وبشرى للمسلمين } { ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر } أرادوا بالبشر غلاماً كان لخاطب قد أسلم وحسن إسلامه إسمه عائش أو يعيش وكان صاحب كتب، وقيل: عبد اجبر وشار كانا يصنعان السيوف بمكة، ويقرآن التوراة والإنجيل، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا مرَّ وقف عليهما يسمع ما يقرآن، فقالوا: يعلمانه، فقيل لأحدهما: تعلمانه؟ قال: بل هو يعلمني، وقيل: بل هو سلمان الفارسي { لسان } اللسان اللغة { الذي يلحدون اليه } ويقال: اللحد القبر، ولحده وهو ملحود وملحد إذا مال حفره عن الاستقامة، ثم استعير لكل من مال عن الاستقامة، يقال: ألحد فلان في قوله، وألحد في دينه، ومنه الملحد لأنه أمال مذهبه عن الأديان كلها، والمعنى لسان الرجل الذي يميلون قولهم عن الاستقامة اليه لسان { أعجمي } عربي { وهذا لسان عربي مبين } { إن الذين لا يؤمنون بآيات الله } أي يعلم الله منهم أنهم لا يؤمنون، قوله تعالى: { لا يهديهم الله } لا يلطف بهم لأنهم من أهل المعاصي في الدنيا والعذاب في الآخرة { إنما يفتري الكذب } رداً لقولهم { إنما أنت مفتر } يعني إنما يليق افتراء الكذب بمن لا يؤمن { وأولئك } إشارة إلى قريش، وقيل: { هم الكاذبون } على الحقيقة.