{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي } الذي أدعوكم إليه.
{ فَلاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأوثان التي لا تعقل ولا تفعل ولا تبصر ولا تسمع ولا تضر ولا تنفع { وَلَـٰكِنْ أَعْبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ } تقدير أن يسلم ويقبض أرواحهم.
{ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ } قال ابن عباس: عملك. وقيل: نفسك، أي استقم على الدين { حَنِيفاً وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر: "لم أعبد ربي بالرهبانية وأن خير الدين الحنيفية السهلة" .
{ وَلاَ تَدْعُ } تعبد { مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ } إن أطعته { وَلاَ يَضُرُّكَ } إن عصيته { فَإِن فَعَلْتَ } فعبدت غير الله { فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ } الضارّين لأنفسهم، الواضعين العبادة في غير موضعها { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ } يصبْك الله ببلاء وشدّة { فَلاَ كَاشِفَ } دافع { لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ } رخاء ونعمة { فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ } فلا مانع لرزقه.
{ يُصَيبُ بِهِ } واحد من الضر والخير { مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ } يعني القرآن فيه البيان.
{ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } [أي له ثواب اهتدائه] { وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } فعلى نفسه جنا { وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } بكفيل وحفيظ يحفظ أعمالكم. قال ابن عباس: نسختها آية القتال.
{ وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَٱصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ } من نصرك وقهر أعدائك وإظهار دينه { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ }.
قال الحسن: لما نزلت هذه الآية جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار وقد تجمع خيرتهم فقال: "إنكم ستجدون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني" قال أنس: فلم نصبر. فأمرهم بالصبر كما أمره الله به.
وقال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب: لما قدم معاوية المدينة تلقّته الأنصار وتخلّف أبو قتادة ودخل عليه بعد فقال: مالك لا تلقنا؟ قال: لم تكن عندنا دواب، قال: فأين النواضح؟ قال: ربطناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فاصبروا حتى تلقوني" ، قالوا: إذاً نصبر، ففي ذلك قال عبد الرحمن بن حسان بن ثابت:
ألا أبلغ معاوية بن حربأمير المؤمنين ثنا كلام
فإنّا صابرون ومنظروكمإلى يوم التغابنوالخصام