التفاسير

< >
عرض

يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ
١١
-المعارج

تيسير التفسير

{ يُبْصَّرُونَهُمْ } الواو للإِحماء الأَولين والهاء للآخرين يجعلهم الله تعالى باصرين بهم فلا يسأَلون أين إِحماؤهم أو أُسعدوا أم شقوا لظهور السعادة على صاحبها أو الشقاوة كبياض الوجه وسواده يبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته فلا يسأَلهم. وعن ابن عباس يتعارفون ساعة من النهار ثم لا يتعارفون وجمع الضميرين لعموم مرجعهما بالتنكير فى سياق النفى والجملة مستأنفة كأَنه لما قيل لا يسأل حميم حميما قيل لعل ذلك لأَنه لا يبصره فقيل يبصرونكم كذا قيل، وفيه أن قوله لا يسأَل حميم حميماً يتبادر منه الحضور، وإِذا قيل لا يسأَل زيد بكراً تبادر أنه يمكنه السؤال وهو حاضر لكن لا يسأَله فالأَولى أن الجملة حال من حميم المرفوع أو من المنصوب أو منهما، والمعنى أنه لا يقع السؤال من بعض لبعض مع حضورهم لظهور ما يغنى عن السؤال أو للشغل عنه وليس المعنى على النعت لأَن المقام للعموم فلا يقيد بالتبصير فلو قيل لا يسأَل الأَحماء أحماءهم الذين يبصرونهم كان دون ذلك المعنى والآية تفيد أن الأَقارب والأَصحاب يحضر بعض بعضاً وذلك لحساب المخالطة { يَوَدُّ الْمُجْرِمُ } يتمنى أو يجب كل مذنب مشرك وكل فاسق قال للاستغراق وإِفراد ضميره بعد باعتبار لفظه { لَوْ يَفْتَدِى } لو مصدرية أى يود الافتداء أى حصول الافتداء بمعنى يود حصول الاشتغال بالفداء مع قبوله عنه { مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ } هو عذاب لزمه وهو عام لا مخصوص إِلا أن كل مجرم يود لو يفتدى مما له من العذاب، والقراءَة بإِضافة عذاب ليوم ففتحة يوم بناء لإِضافته لمبنى كما مر فى قوله تعالى " { وهم من فزعٍ يومئذ } " [النمل: 89] فكل يوم قبل إِذ فى القرآن فتحه بناء ولو لم يكن مضافاً إِليه فإِذا كان مضافاً إِليه كما هنا فهو فى محل جر وإِذا لم يكن كذلك فهو فى محل نصب لامعرب منصوب وذلك فى قراءة نافع، ومن العجيب جعل لو للتمنى مع أن يود يفيده فيدعى أنه لا مفعول له أو يقدر يود المجرم مالا يدركه فيبقى لو يفتدى بلا عامل فيتعطل أو يقدر له يقول أو يفتدى الخ معبراً به عن لو افتدى الخ بضمائر التكلم، أو يضمن يود معنى القول، والجملة مستأْنفة لبيان أن يتمنى الافتداء ولو بأَعز الناس إِليه. والمعنى على هذا لا على خصوص تمنى الافتداء بالأَعز إِليه. وقيل حال من الواو، وجوز بعض أن تكون حالاً من الهاء إِن كانت الهاء للسائل أو من الواو إِن كانت الواو للسائل، { بِبَنِيهِ } بدئ بهم والله لأَنهم أعز، ولم يذكر البنات لأَن الكفرة قد يرغبون عنهن حتى أنهم يقتلونهن، ولذلك لم يقابل بأَولاده لشموله الإِناث. ويجوز أن يراد بالبنين ما يشمل من عزت عنهم.