التفاسير

< >
عرض

فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً
١١٤
-طه

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } ان الله سبحانه فتح ابصار سرّ نبيه وحبيبه وكشف لها بحار علومه الازلية وحرفه مكان قصور علمه فيها فامره بأستناده علمه وقال وقل رب زدنى علما قال محمد بن الفضل رب زدنى علما بنفسه وما تضمره من الشرور والمكر والغدر لاقوم بمعونتك فى مداواة كل شئ منها تداويها ثم اخبر سبحانه عن لسان أدم صورة الامر من غلبة سطوة ارادته بقوله { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ } ان الله سبحانه قد قبل الكون وقبل ------ محبتى بالرسالة والنبوة وعلم الاسماء والجلال والكمال وانه يعرف الله بطريق كل اسم من اسمائه ونعت من نعوته ومن نعته قهر جبروته فجر أدم باسم الى نعته ومن نعته الى صفته ومن صفته الى رؤية ذاته فالبس نور بهائه الشجرة ---- واراه ذلك النور اليها الربانى ثم امره بالاجتناب عنها والقى فى قلبه محبة قربها لانها مرأة جلاله يتجلى أدم منها فغلبت المحبة على الامر وسلبته لطائف تلك الجمال فوقع فى هيجان شوقها رغما لذة بهاء مشاهدتها فترك صورة الامر لشوق جمال الامر ووقع فى بحر القهر بغير مبالاته على العهد لان عهد الازل باصطفائيته سابق عهد الامر فمن رؤيته عهد الازل ترك عهد الامر فاجترى لعلمه بمكانته بوصف الاصطفائية عند الحق وقبوله والان بعد القبول الازلى لا يؤثر فيه مباشرة المعصية وقوله { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } لم يجد الحق فى قلب أدم زعم متابعة امرا لظاهر عند العهد لان فى قلبه رؤية ما يتولد من اكل الشجرة من خروج عرائس القدورات الغيبية من ممكن القدم يا عاقل قد بت لنقض عهده الذى بسببه بدا اعلام دولة المرسلين والنبيين والصديقين وحقيقة عهد الله مع أدم أن لا يسكن بشئ دونه وان كان وسيلة الى قربه ومشاهدته فلما ارتهن فى طريق الوصول بوسيلة وقع العصيان عليه لما لم يسلك فى طلب الحقيقة بنعت التجريد واسقاط الوسايط فالذين عطا عهدنا الى أدم ان لا تطالع معى سواى فنسى عهدى وطالع الجنان ولم تجد له عزما اى لم يطالع بسره ولكن طالعه بعينه فنادى عليه وعصى أدم ربه فغوى قال الواسطى فنسى ولم تجد له عزما اى قوة على ضبط نفسه وان كان الواجب ان ارتكاب المباشرة اوجب زوال النسيان فان غيبته عن شاهده ليريه شواهد عبوديته تنبيها وتزيينا وقال ايضا فنسى له وجهان اى جهل قدر عهده وفرق بين من نسى الحضرة وبين من نسى فى الغيبية لذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم "رفع عن امتى الخطأ والنسيان" .