التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ
١٣
-الحديد

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً }؛ أيِ احذرُوا يومَ يقولُ المنافقون للمؤمنينِ المخلصِين: انظُرونا نُضِيءُ بنُوركم فنَمضِي معَكم على الصِّراطِ، وذلك أنَّ المنافقين تغشَاهُم ظلمةٌ حتى لا يكادُون ينظرون مواضعَ أقدامِهم، فينادون المؤمنين نَقتَبسْ من نُوركم.
قرأ حمزةُ (أنْظِرُونَا) بقطع الألف وكسرِ الظاء؛ أي أمهِلُونَا، وقال الزجَّاجُ: (مَعْنَاهُ: انْتَظِرُونَا أيْضاً)، وقال عمرُو بن كلثوم:

أبَا هِنْدٍ فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْنَا وَأنْظِرْنَا نُخَبرْكَ الْيَقِينَا

قال المفسِّرون: إذا كان يومُ القيامةِ، أعطَى اللهُ المؤمنين نُوراً على قدر أعمالهم يَمشُون به على الصِّراطِ، وأعطَى اللهُ المنافقِين نُوراً كذلكَ خديعةً لَهم فيما بينهم كذلك يَمشون، إذا بعثَ اللهُ ريحاً وظلمةً فانطفأَ نورُ المنافقِين، فعندَ ذلك يقولُ المؤمنون: ربَّنا أتْمِمْ لنا نُورَنا، مخافةَ أن يُسلَبَ كما سُلِبَ المنافِقُون.
ويقولُ: المنافِقُون حينئذٍ للمؤمنين: انْظُرُونَا نَقتَبسْ من نُوركم، فيقولون لَهم: لا سبيلَ لكم إلى الاقتباسِ من نُورنا، فارجِعُوا وراءَكم فاطلُبوا هنالكَ لأنفُسِكم نُوراً، فيرجِعُون في طلب النُّور فلا يجدُون، فيقولُ لَهم الملائكةُ: ارجعوا إلى الموضعِ الذي أخَذنا منه النُّور فاطلُبوا نوراً، فإنَّ المؤمنين حَمَلُوا النورَ من الدُّنيا بإيمانِهم وطاعتِهم.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ }؛ معناهُ: فيُميَّزُ بين المؤمنِين والمنافقين بأنْ يُضرَبَ بينهم بجدارٍ كبيرٍ يقالُ له السُّورُ، وهو الذي يكونُ عليه أصحابُ الأعرافِ، وهو حاجزٌ بين الجنَّة والنار. قَوْلُهُ تَعَالَى: { لَّهُ بَابٌ }؛ أي للسُّور بابٌ، { بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ }؛ وهي الجنَّة التي فيها المؤمنون، { وَظَاهِرُهُ }؛ أي وخارجُ السُّور، { مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ }؛ يعني جهنَّمَ والنارَ.