التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ
١٣١
-طه

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولا تمدن عينيك } اصل المد الجر ومنه المدة للوقت الممتد واكثر ما جاء الامداد فى المحبوب والمد فى المكروه نحو امددناهم بفاكهة ونمد له من العذاب مدا والعين الجارحة بخلاف البصر ولذا قال تعالى فى الحديث القدسى "كنت له سمعا وبصرا" دون اذنا وعينا والمعنى لا تطل نظرهما بطريق الرغبة والميل.
وقال بعضهم مد النظر تطويله وان لا يكاد يرده استحسانا للمنظور اليه واعجابا به وتمنيا ان له مثله.
وفيه دليل على ان النظر الغير الممدود معفو عنه لانه لا يمكن الاحتراز منه وذلك ان يباده الشئ بالنظر ثم يغض الطرف ولما كان النظر الى الزخارف كالمركوز فى الطباع وان من ابصر منها شيئا احب ان يمد اليه نظره ويملأ عينيه قيل له عليه السلام { لا تمدن عينيك } اى لا تفعل ما عليه جبلة البشر.
قال الكاشفى ابو رافع رضى الله عنه نقل ميكندكه مهمانى نزد بيغمبر آمد ودرخانه جيزى نبودكه بدان اصلاح شان مهمان توانستى نمود مرا بنزديك يكى ازيهود فرستاد وكفت اورا بكوكه محمد رسول الله ميكويدكه مهمانى بمنزل ما نزول نموده ونمى يابيم نزديك خود جيزى كه بدان اصلاح شان مهمان توانستى نمود ونمى يابيم نزديك خود جيزى كه بدان شرائط ضيافت بتقديم رسد اين مقدار آرد بما بفروش ومعامله كن تاهلال رجب جون وقت برسدبها بفرستم من بيغام به يهودى رسانيدم واوكفت نمى فروشم ومعامله نميكنم مكر آنكه جيزى دركرو من نهيد من باحضرت مراجعت نمودم وصورت حال بازكفتم حضرت فرمود والله انى لامين فى السماء وامين فى الارض اكر بامن معامله كردى البتة حق اورا ادا كردمى بس زره خود بمن داد تانزديك او كرو كردم اين آيت جهت تسليت دل مبارك وى نازل شد { ولا تمدن عينيك } وباز مكش نظر جشمهاى خودرا يعنى منكر]{ الى ما متعنا به } نفعنا به من زخارف الدنيا ومنه متاع البيت لما ينتفع به واصل المتوع الامتداد والارتفاع يقال منع النهار ومتع النبات ارتفع والمتاع انتفاع ممتد الوقت: والمعنى بالفارسية [بسوى آن جيزى كه برخوردار كردانيديم بدان جيزى].
وفى الكبير الذ ذنابه والامتاع الالذاذ بما يدرك من المناظر الحسنة ويسمع من الاصوات المطربة ويشم من الريح الطيبةوغير ذلك من الملابس والمناكح { ازواجا منهم } اى اصنافا من الكفرة كالوثنى والكتابى من اليهود والنصارى وهو مفعول متعنا { زهرة الحياة الدنيا } منصوب بفعل يدل عليه متعنا اى اعطنا زينة الدنيا وبهجتها ونضارتها وحسنها.
قال الواسطى هذه تسلية للفقراء وتعزية لهم حيث منع خير الخلق عن النظر الى الدنيا على وجه الاستحسان { لنفتنهم فيه } اى لنعاملهم فيما اعطينا معاملة من نبتليهم حتى يستوجبوا العذاب بان نزيد لهم النعمة فيزيدوا كفرا وطغيانا فمن هذه عاقبته فلا بد من التنفر عنه فانه عند الامتحان يكرم الرجل او يهان.
وقد شدد العلماء من اهل التقوى فى وجوب غض البصر عن الظلمة وعدد الفسقة فى ملابسهم ومراكبهم حتى قال الحسن لا تنظروا الى دقدقة هيماليج الفسقة ولكن انظروا كيف يلوح ذل المعصية من تلك الرفات وهذا لانهم اتخذوا هذه الاشياء لعيون النظارة فالناظر اليها محصل لغرضهم ومغر لهم على اتخاذها وفى الحديث
"ان الدنيا" اى صورتها ومتاعها "حلوة" شيرين "خضرة حسنة فى المنظر تعجب الناظر" وانما وصفها بالخضرة لان العرب تسمى الشئ الناعم خضرا ولتشبيهها بالخضروات فى سرعة زوالها وفيه بيان كونها غرارة تفتن الناس بحسنها وطعمها: قال الخجندى

جهان وجمله لذاتش بزنبور عسل ماندكه شيرينيش بسيارست وزان افزون شر وشورش

وفى المثنوى

هركه از ديدار بر خوردار شد اين جهان درجشم او مردار شد

وقال الحافظ

ازره مرو بعشوه دنيى كه اين عجوز مكاره مى نشيند ومحتاله مى رود

وقال

خوش عروسيست جهان ازره صورت ليكن هركه بيوست بدو عمر خودش كابين داد

{ { ويستخلفكم فى الارض } اى جاعلكم خلفاء فى الدنيا يعنى ان اموالكم ليست هى فى الحقيقة لكم وانما هى لله تعالى جعلكم فى التصرف فيها بمنزلة الوكلاء { فينظر كيف تعملون } اى يتصرفون.
وعن عيسى بن مريم عليه السلام لا تتخذوا الدنيا ربا فتتخذكم لها عبيدا.
وفى التأويلات النجمية يشير بقوله { ولا تمدن عينيك } الى عينى البصر والبصيرة وهما عين الرأس وعين القلب واختص النبى عليه السلام بهذا الخطاب واعتز بهذا العتاب لمعنيين احدهما لانه مخصوص من جميع الانبياء بالرؤية ورؤية الحق لا تقبل الشرك كما ان اللسان بالتوحيد لا يقبل الشرك والقلب بالذكر لا يقبل الشرك او قال اذكر ربك اذا نسيت اى بعد نسيان ما سواه فكذلك الرؤية لا تقبل الشرك وهو مد العينين { الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا } وهو الدنيا والآخرة لكن اكتفى بذكر الواحد عن الثانى والازواج اهل الدنيا والآخرة اى اغسل عينى ظاهرك وباطنك بماء العزة عن وصمة رؤية الدنيا والآخرة لاستحقاق اكتحالهما بنور جلالنا لرؤية جمالنا وانما متعنا اهل الدارين بهما عزة لحضرة جلالنا { لنفتنهم فيه } باشتغالهم بتمتعات الدارين عن الوصول الى كمال رؤية جمالنا.
قيل قرئ عند الشبلى قدس سره
{ اصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون } فشهق شهقة وقال مساكين لا يدرون عمن شغلوا حين شغلوا { ورزق ربك } اى ما ادخر لك فى الآخرة من الثواب او ما اوتيته من يسير الكفاية مع الطاعة والرزق يقال للعطاء دنيويا كان او اخرويا وللنصيب تارة ولما يوصل الى الجوف ويتغذى به تارة { خير } لك مما منحهم فى الدنيا لانه مع كونه فى نفسه اجل ما يتنافس فيه المتنافسون مأمون الغائلة بخلاف ما منحوه { وابقى } فانه لا يكاد ينقطع ابدا.
قال الكاشفى [در كشف الاسرار آورده كه زهر درلغت شكوفه است حق سبحانه وتعالى دنيارا شكوفه خواند زبراكه تروتا زكئ اودوسه روزه بيش نباشد در اندك فرصتى بزمرده كردد ونيست شود]

مال جهان بباغ تنعم شكوفه ايست كاول بجلوه دل بربايد زاهل حال
يكهفته نكذردكه فرو ريزد ازدرخت برخاك ره شود جوخس وخاك بايمال
اهل كمال در دل خود جا جرا دهند آنراكه دمبدم زبى است آفت زوال

فعلى العاقل ان يختار الرزق الذى هو الباقى ولا يلتفت الى النعيم الذى هو الفانى ويقنع بما فى يده من القوت الى ان يموت: قال الشيخ سعدى قدس سره

كر آزاده برزمين خسب وبس مكن بهر فانى زمين بوس كس
نيرزد عسل جان من زخم نيش قناعت نكوتر بدوشاب خويش
خداوند زان بنده خرسند نيست كه راضى بقسم خداوندنيست
مبندار جون سركه خود خورم كه جور خداوند حلوا برم
قناعت كن اى نفس براندكى كه سلطان ودرويش بينى يكى
كند مردرا نفس امارة خوار اكر هو شمندى عزيزش مدار

ثم ان الرزق المعتبر غاية الاعتبار ما صار غذاء للروح القدسى من العلم والحكمة والفيض الازلى والتجلى: وفى المثنوى

فهم نان كردى نه حكمت اى رهى زانكه حقت كفت كلوا من رزقه
رزق حق حكمت به بود درمرتبت كان كلو كيرت نباشت عاقبت
اين دهان بستى دهانى بازشد كه خورنده لقمهاى رازشد
كر زشير ديوتن را وابرى در فطام او بسى نعمت خورى