التفاسير

< >
عرض

فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا
١٤
-الشمس

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

ثم بين تعالى أن القوم لم يمتنعوا عن تكذيب صالح، وعن عقر الناقة بسبب العذاب الذي أنذرهم الله تعالى به وهو المراد بقوله: { فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا } ثم يجوز أن يكون المباشر للعقر واحداً وهو قدار، فيضاف الفعل إليه بالمباشرة، كما قال: فتعاطى فعقر ويضاف الفعل إلى الجماعة لرضاهم بما فعل ذلك الواحد. قال قتادة: ذكر لنا أنه أبى أن يعقرها حتى بايعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم، وهو قول أكثر المفسرين. وقال الفراء: قيل إنهما كانا إثنين.

أما قوله تعالى: { فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا } فاعلم أن في الدمدمة وجوهاً أحدها: قال الزجاج: معنى دمدم أطبق عليهم العذاب، يقال: دمدمت على الشيء إذا أطبقت عليه، ويقال: ناقة مدمومة، أي قد ألبسها الشحم، فإذا كررت الإطباق قلت دمدمت عليه. قال الواحدي: الدم في اللغة اللطخ، ويقال للشيء السمين: كأنما دم بالشحم دماً، فجعل الزجاج دمدم من هذا الحرف على التضعيف نحو كبكبوا وبابه، فعلى هذا معنى دمدم عليهم، أطبق عليهم العذاب وعمهم كالشيء الذي يلطخ به من جميع الجوانب الوجه الثاني: تقول للشيء: يدفن دمدمت عليه، أي سويت عليه، فيجوز أن يكون معنى فدمدم عليهم، فسوى عليهم الأرض بأن أهلكهم فجعلهم تحت التراب الوجه الثالث: قال ابن الأنباري: دمدم غضب، والدمدمة الكلام الذي يزعج الرجل ورابعها: دمدم عليهم أرجف الأرض بهم رواه ثعلب عن ابن الأعرابي، وهو قول الفراء، أما قوله: { فَسَوَّاهَا } يحتمل وجهين، وذلك لأنا إن فسرنا الدمدمة بالإطباق والعموم، كان معنى { فَسَوَّىٰ } الدمدمة عليهم وعمهم بها، وذلك أن هلاكهم كان بصيحة جبريل عليه السلام، وتلك الصيحة أهلكتهم جميعاً، فاستوت على صغيرهم وكبيرهم، وإن فسرناها بالتسوية، كان المراد فسوى عليهم الأرض. أما قوله تعالى: