{ قَدْ خَسِرَ } وخاب خيبة مؤبدة الأعراب { ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أَوْلَٰدَهُمْ سَفَهاً } مخالفة سبي وإملاق { بِغَيْرِ عِلْمٍ } منهم بما يؤول أمرهم عليه، ولا شك أن الرازق لعباده هو الله لا هم { وَ } أيضاً { حَرَّمُواْ } على نفوسهم { مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ } وأباح عليهم ن البحائر والسوائب وغيرها ونسبوا تحريمها { ٱفْتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِ } هوى وميلاً إلى الباطل، وبالجملة: { قَدْ ضَلُّواْ } بهذه الجرائم عن طريق الحق { وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } [الأنعام: 140] إلى توحيده وما يرجى منهم الهداية والفلاح أصلاً.
{ وَ } كيف تضلون عن طريق الحق أيها الجاهلون المسرفون مع أنه سبحانه { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ } لكم لمعاشكم في النشأة الأولى { جَنَّٰتٍ } من الكروم { مَّعْرُوشَٰتٍ } مرتفعات من الأرض { وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ } ملقيات على وجه الأرض { وَ } أنشأ لكم أيضاً { ٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ } أي: أكمل كل واحد منهما رطباً ويابساً { وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً } بعضها ببعض { وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ } بل مختلف في الشكل والطعم { كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ } أي: ثمر كل واحد من المذكورات حيث شئتم { إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ } أي: أخرجوا حق الله منه على الوجه المفروض { يَوْمَ حَصَادِهِ } إدراكه وبدو صلاحه { وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ } في الأكل إلى حيث تقسى قلوبكم وبكل إدراككم { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } [الأنعام: 141] أي: لا يرضى: عنهم وعن فعلهم؛ إذ الأكل إنما هو لقوام البدن وتقوية الروح على فعله، وإسرافه يفضي إلى التعطيل والتكليل المخل للحكمة الإلهية.
{ وَ } إنشاء لكم أيضاً { مِنَ ٱلأَنْعَٰمِ حَمُولَةً } تحملون أثقالكم يوم ظعنكم { وَفَرْشاً } تفرشون من أصوافها وأشعارها وأوبارها المنسوجة تحتكم يوم إقامتكم { كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } وأباحه عليكم منها { وَلاَ تَتَّبِعُواْ } أثر { خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ } ولا تسمعوا وساوسه في تحليل المحرمات وتحريم المباحات؛ يعني: لا تتبعوا أهويتكم التي هي من جنود الشياطين { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } [الأنعام: 142] ظاهر العداوة فاجتنبوا من إغوائها.