{ وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } يعني اينما كنتم من مشارق الارض ومغاربها فولوا وجوهكم شطره يعني جهته، وقيل: بعضه { وإن الذين أوتوا الكتاب ليلعمون أنه الحق من ربهم } يعني اليهود اهل التوراة والانجيل انه الحق، قيل: التوجه الى الكعبة حق لانها قبلة ابراهيم (عليه السلام)، وقيل: النبي حق ودينَه حق لأنه مذكور في كتبهم، روي ان يهود المدينة ونصارى نجران قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ائتنا بآية كما اتى الانبياء قبلك، فأنزل الله تعالى: { ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية } يعني بكل برهان { ما تبعوا قبلتك } لان تركهم اتباعك ليس عن شبهَة انما هو عن مكابرة وعناد { وما أنت بتابع قبلتهم } حَسمٌ لأطماعهم لأنهم كانوا يقولون لو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو ان يكون صاحبنا { وما بعضهم بتابع قبلة بعض } يعني أنهم مع اتفاقهم على مخالفتك مختلفون وذلك ان اليهود تستقبل بيت المقدس والنصارى مطلع الشمس { ولئن اتبعت أهواءهم } يا محمد في المداراة حرصاً على ان يؤمنوا { إنك إذاً لمن الظالمين } لنفسك اي قد علمت انهم لا يؤمنون، وقيل: الخطاب للنبي والمراد كل من كان بتلك { الذين آتيناهم الكتاب } الآية نزلت في عبد الله بن سلام، قال له عمر: كيف تعرف نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: يا عمر لقد عرفته فيكم حين رأيته كما أعرف ابني اذا رأيته مع الصبيان يلعب وانه لنبي حق { فاستبقوا الخيرات } يعني امر القبلة وغيرها من الطاعات { ومن حيث خرجت } اي ومن اي بلد خرجت للسفر { فول وجهَك شطر المسجد الحرام } اذا صليت وهذا التكرار لتأكيد امر القبلة وتشديده، وقيل: الاولى في مسجد المدينة، والثانية خارج المسجد، والثالثة خارج البلد { إلا الذين ظلموا منهم } وهم اهل مكة حين قالوا: بدا له فرجع الى قبلة آبائه وهو اهله رجع الى دينهم، وقيل: هم اليهود قالوا لما انحرف الى الكعبة قالوا: ما هو يعمل الا برأيه وهم يعلمون انه حق { فلا تخشوهم } فلا تخافوا مطاوعتهم في ملتهم فانهم لا يضروكم مطامعهم { واخشوني } فلا تخالفوا أمري { ولأتم نعمتي عليكم } في الآخرة بالثواب كما أتممتها عليكم في الدنيا بارسال الرسل، وفي الحديث: "تمام النعمة دخول الجنة" وعن علي (عليه السلام): "تمام النعمة الموت على الإسلام".