التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ
١٥
نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ
١٦
-العلق

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ } أي أبو جهل عن أذاك يا محمد. { لَنَسْفَعاً } أي لنأخذن { بِٱلنَّاصِيَةِ } فلنذلنه. وقيل: لنأخذن بناصيته يوم القيامة، وتُطْوَى مع قدميه، ويطرح في النار، كما قال تعالى: { { فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ } [الرحمن: 41]. فالآية ـ وإن كانت في أبي جهل ـ فهي عِظة للناس، وتهديد لمن يمتنع أو يمنع غيره عن الطاعة. وأهل اللغة يقولون: سفَعْتَ بالشيء: إذا قبضت عليه وجذبته جذباً شديداً. ويقال: سَفَعَ بناصية فرسه. قال:

قَومٌ إذا كَثُر الصياح رأيتهمْمِنْ بينِ مُلْجِم مُهْرِهِ أو سافِعِ

وقيل: هو مأخوذ من سَفَعتْه النار والشمس: إذا غيرت وجهه إلى حال تسويد؛ كما قال:

أثافِيَّ سُفعاً في مُعَرَّسِ مِرْجَلٍونَؤْيٌ كجِذم الحوض أَثلَمَ خاشِع

والناصية: شعر مقدّم الرأس. وقد يعبر بها عن جملة الإنسان؛ كما يقال: هذه ناصية مباركة؛ إشارة إلى جميع الإنسان. وخص الناصية بالذكر على عادة العرب فيمن أرادوا إذلاله وإهانته أخذوا بناصيته. وقال المبرّد: السَّفْع: الجذب بشدّة؛ أي لَنَجُرَّن بناصيته إلى النار. وقيل: السَّفْع الضرب؛ أي لنلطُمَنّ وجهه. وكله متقارب المعنى. أي يجمع عليه الضرب عند الأخذ؛ ثم يجرّ إلى جهنم. ثم قال على البدل: { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } أي ناصية أبي جهل كاذبة في قولها، خاطئةٍ في فعلها. والخاطىء معاقب مأخوذ. والمخطىء غير مأخوذ. ووصف الناصيةِ بالكاذبة الخاطئة، كوصفِ الوجوه بالنظر في قوله تعالى: { { إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة: 23]. وقيل: أي صاحبها كاذب خاطىء؛ كما يقال: نهاره صائم، وليله قائم؛ أي هو صائم في نهاره، ثم قائم في ليله.