التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
١٦
-الحديد

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ }؛ معناهُ: أمَا حانَ للمؤمنين الذين تكَلَّموا بكلمةِ الإيمان إذا سَمِعُوا القرآنَ أنْ تخشعَ قلوبُهم لذكرِ الله وتَلِينُ وتَرِقُّ، قال ابنُ مسعود: (مَا كَانَ بَيْنَ إسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أنْ عَاتَبَنَا اللهُ بهَذِهِ إلاَّ أرْبَعَ سِنِينَ). والمعنى: يجبُ أن يُورثَهم الذكرُ خُشوعاً ولا يكونوا كمَنْ يَذكُره بالغَفلَةِ، ولا يخشعُ للذِّكر قلبهُ. وقوله { وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ } يعني القرآنَ، قرأ نافع وعاصم مخفَّفاً.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ }؛ وهم اليهودُ والنصارى، وموضعُ { وَلاَ يَكُونُواْ } النصبَ عطفاً على قولهِ تعالى { أَن تَخْشَعَ } و{ وَلاَ يَكُونُواْ }، قال الأخفشُ: (وَإنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ نَهْياً) وهذه زيادةٌ في وعظِ المؤمنين، معناهُ: ولا يَكُونوا في قَسَاوَةِ القلوب كالذين أُعطُوا التوراةَ والإنجيلَ من قبلِ المؤمنين، { فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ }؛ الزمانُ بينهم وبين أنبيائهم، { فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ }؛ قال ابنُ عباس: (مَالُوا إلَى الدُّنْيَا وَأعْرَضُواْ عَنْ مَوَاعِظِ اللهِ، فَلَمْ تَلِنْ قُلُوبُهُمْ عِنْدَ سَمَاعِ كَلاَمِ اللهِ تَعَالَى). وقوله تعالى: { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }؛ أي خارجون عن طاعةِ الله، وإنَّما قالَ { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ } لأنه كان منهم مَن أسلمَ.