التفاسير

< >
عرض

أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ
١٦
-البلد

روح البيان في تفسير القرآن

{ او مسكينا ذا متربة } اى افتقار من ترب بالكسر تربا بفتحتين ومتربا اذا افتقر كأنه لصق بالتراب من فقره وضره فليس فوقه ما يستره ولا تحته ما يوطئه ويفرشه واما قولهم اترب فمعناه صار ذا مال كالتراب فى الكثرة كما قيل اثرى وعن النبى عليه السلام فى قوله ذا متربة الذى مأواه المزابل وقال ابن عباس رضى الله عنهما البعيد التربة يعنى الغريب (كما قال الكاشفى) واين جنين كس عيال مند بود ياوام دار يابيمار بى خواستار يا غريبى دور ازديار.
وفى الحديث
"الساعى الى الارملة والمسكين كالساعى فى سبيل الله وكالقائم لا يفتر والصائم لا يفطر" يقول الفقير خص الفك والاطعام لصعوبة العمل بهما وجعل الاطعام لليتيم والمسكين لما ان ذلك يثقل على النفس فقد ينفق المرء الوفا فى هواه كاطعام اهل الهوى وبناء الابنية الزائدة ونحو ذلك ولا يستكثرها واما الفقير واليتيم فلا يراهما بصره لهوانهما عنده وعلى تقدير الرؤية فيصعب عليه اعطاء درهم او درهمين او اطعام لقمة او لقمتين واحتج الشافعىرحمه الله بهذه الآية على ان المسكين قد يكون بحيث يملك شيأ والا لكان تقييده بقوله ذا متربة تكرارا وهو غير جائز وفيه بحث لجواز أن يكون ذا متربة صفة كاشفة للمسكين وتكون الفائدة فى التوصيف بها التصريح بجهة الاحتياج ليتضح ان اطعام الاحوج افضل والتكرير الذى لا يجوز هو التكرير الخالى عن الفائدة وما نحن فيه ليس من هذا القبيل وفيه اشارة الى يتيم القلب المغلوب فى يد النفس والهوى ومسكين السير المذلل تحت قهر النفس وعزتها وفى الارشاد وحيث كان المراد باقتحام العقبة هذه الامور حسن دخول لا على الماضى وليس بشرط اذ قد يكون بمعنى لم فكأنه قيل فلم يقتحم العقبة.