التفاسير

< >
عرض

كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
١٦
-الحشر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ } أي مثل المنافقين في اغراء اليهود على القتال والوعد بالنصر ثم خذلوهم كمثل الشيطان ابليس.
{ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ } ابي جهل { اكْفُرْ } قال له يوم بدر لا غالب لكم اليوم من الناس واني جار لكم. { فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِّنكَ إِنِّى } وسكن الكوفيون وابن عامر الياء { أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ } تبرأ منه مخافة ان يشاركه في العذاب ولم ينفعه ذلك كذلك لما قاتلوا لم ينصرهم المنافقون وقيل: الانسان الجنس والشيطان ايضا يحتمل الجنسية وقيل: الشيطان الابيض من ولد ابليس اشد مكر من اولاده والانسان برصيصا الراهب ذكره الشيخ هودرحمه الله والسمرقندي وغيرهما كالقاضي روي عن ابن عباس ان برصيصا تعبد في صومعه سبعين سنة لم يعص طرفة عين.
وأعيا ابليس واعوانه وجمع ابليس مردته ايكم يكفيه قال الابيض انا وهو الذي تصدى للنبي صلى الله عليه سلم وجاءه في صورة جبريل ليوسوسه فلحقه جبريل فدفعه الى اقصى الهند حلق وسد رأسه كالرهبان وتزيى بزيهم ونادى برصيصا فلم يجبه لانه كان لا ينتقل عن الصلاة إلا بعد عشرة ايام مرة فتعبد الابيض تحت الصومعة ولما تمت العشرة اطلع منها فرآه متعبدا بزي الراهب فندم على عدم اجابته وقال كنت مشتغلا عنك فما حاجتك قال ان اكون معك فاتأدب بأدبك واتعلم منك وتدعو لي وادعو لك فقال اني في شغل وان كنت مؤمنا جعل الله لك نصيبا في دعائي ان استجاب لي ثم اقبل على العبادة وتركه.
ولما تمت اربعون يوما اطلع عليه فرآه يصلي فقال ما حاجتك قال ان تأذن لي فارتفع معك فأذن فعبد معه وجعل لا يفطر ولا يخرج من صلاته إلا بعد اربعين يوما مرة وربما بلغ الثمانين فتقاصرت نفس برصيصا لما رأى اجتهاده ولما حال الحول قال الابيض: اني منطلق ان لي صاحبا غيرك ظننت انك اشد اجتهادا مما رأيت وبلغنا عنك غير الذي رأيت فاشتد ذلك على برصيصا وكره مفارقته لاجتهاده ولما ودعه الابيض قال: عندي دعوة أعلمكها يشف الله بها السقيم المجنون قال برصيصا: كرهتت هذه المنزلة ان علم الناس شغلوني عن العبادة قال له انها خير مما انت فيه فما زال حتى علمه وقال لأبليس قد اهلكته فخنق رجلا ثم ظهر وقال: ان بصاحبكم جنونا افأعالجه قالوا نعم فعالجه فاظهر انه لم يقدر ولكن انطلقوا الى برصيصا فإن عنده الاسم الاعظم فانطلقوا فدعا له فذهب الشيطان وكان الابيض يفعل ذلك ويرشد الى برصيصا.
ثم حنث وعذب بنت ملك في بني اسرائيل مات واستخلف عليها اخاه ولها ثلاثة اخوة وظهر وقال اعالجها فقالوا نعم فاظهر انه لم يطق فارشدهم الى برصيصا فقالوا: لا يجيبنا الى ذلك فقال: ابنوا صومعة لجنبه وضعوها فيها وقولوا هذه أمانتنا فاحتسبها، فسألوه فقال لا فبنوا لها وقالوا ذلك فما انتقل عن صلاته حتى عاينها ودخله امر عظيم فجاء الشيطان فخنقها فدعا برصيصا لها فذهب الشيطان واقبل على صلاته فجاءه الشيطان وقال له واقعها فإنك لا تجد مثلها وستتوب وكانت تنكشف له ففعل فحملت فقال له الشيطان قد افتضحت هل لك ان تقتلها فإن سألوك فقل ذهب بها شيطانها فقتلها برصيصا ودفنها تحت الجبل فجاء الشيطان وهو يدفنها بالليل فجبد طرف ازارها خارجا.
واقبل على صلاته في صومعته فجاء اخوتها يتعادهدونها ويوصونه بها كالعادة قبل ذلك فقالوا ما فعلت اختنا فقال جاء شيطانها وذهب بها فلم اطقه فصدقوه وانصرفوا مكروبين فجاء الشيطان في المنام الى اكبرهم فاخبره بالقصة من الزنا والقتل والحبل والدفن بموضع كذا فكذب الرؤيا وعاوده مرتين وهو يكذبه وفعل ذلك بالاوسط كذلك ولم يخبرا احدا وفعل ذلك بالاصغر وفي الثالثة قال ذلك لاخوية فقال ارينا كما رأيت فجاءوا برصيصا فقالوا: ما فعلت اختنا فقال اليس قد اعلمتكم وقد اتهمتوني فقالوا لا وانصرفوا خجلين فقال لهم الشيطان انها في الموضع وازارها خارج من التراب فجاوا الموضع فوجودها كما رأوا في المنام فمشوا هم ومواليهم بالفؤوس والمساحي فهدموا صومعته وكتفوه الى الملك وهو عمها فأقر لان الشيطان قال له اعترف لئلا يجتمع عليك قتل ومكابرة وصلبه على خشبة فقال له الابيض: اتعرفني قال لا قال انا الذي علمتك الدعوات اما اتقيت الله في امانتك وانك تزعم انك اعبد بني اسرائيل ولم يزل يعيره ويعنفه حتى قال الم يكفك ما صنعت حتى اقررت وفضحت نفسك واشباهكم وان مت على هذا فلن تفلح انت ولا اشباهك بعدك قال كيف افعل فقال اسجد لي اخلصك من اعينهم فسجد له فقال له هذا ما اريد منك صارت عاقبتك الكفر.