التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ
٢
-الحشر

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ }.
أجمع المفسرون أنها في بني النضير، إلا قولاً للحسن أنها في بني قريظة،ورد هذا القول بأن بني قريظة لم يخرجوا ولم يجلوا ولكن قتلوا.
وقد سميت هذه السورة بسورة بني النضير، حكاه القرطبي عن ابن عباس.
قال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس سورة الحشر قال: قل سورة النضير، وهم رهط من اليهود من ذرية هارون عليه السلام نزلوا المدينة في فتن بني إسرائيل، انتظاراً لمحمد صلى الله عليه وسلم.
واتفق المفسرون على أن بني النضير كانوا قد صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يكونوا عليه ولا له، فلما ظهر يوم بدر قالوا: هو النَّبي الذي نعته في التوراة، لا ترد له راية، فلما هزم المسلمون يوم أُحد ارتابوا ونكثوا. فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكباً إلى مكة، فحالفوا عليه قريشاً عند الكعبة، فأخبر جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، فأمر بقتل كعب، فقتله محمد بن مسلمة غيلة، وكان أخاه من الرضاعة. وكان النَّبي صلى الله عليه وسلم قد اطلع منهم على خيانة، حين أتاهم في دية المسلمين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري منصرفه من بئر معونة، فهموا بطرح الحجر عليه صلى الله عليه وسلم، فعصمه الله تعالى.
ولما قتل كعب، أمر صلى الله عليه وسلم بالمسيرة إليهم، وطالبهم بالخروج من المدينة، فاستمهلوه عشرة أيام ليتجهزوا للخروج، ولكن أرسل إليهم عبد الله بن أبي سراً: لا تخرجوا من الحصن، ووعدهم بنصرهم بألفي مقاتل من قومه، ومساعدة بني قريظة وحلفائهم من غطفان، أو الخروج معهم، فدربوا أنفسهم، وامتنعوا بالتحصينات الداخلية. فحاصرهم صلى الله عليه وسلم إحدى وعشرين ليلة.
وقيل: أجمعوا على الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: اخرج في ثلاثين من أصحابك، ويخرج إليك ثلاثون منا ليسمعوا منك، فإن صدقوا آمنا كلنا، ففعل. فقالوا: كيف نفهم. ونحن ستون؟ أخرج في ثلاثة ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا، ففعلوا فاشتملوا على الخناجر، وأرادوا الفتك فأرسلت امرأة منهم ناصحة إلى أخيها، وكان مسلماً فأخبرته بما أرادوا، فأسرع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فساره بخبرهم قبل أن يصل صلى الله عليه وسلم إليهم، فلما كان من الغد غدا عليهم بالكتائب فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، فقذف الله في قلوبهم الرعب، وأيسوا من نصر المنافقين الذي وعدهم به ابن أبي، فطلبوا الصلح فأبى عليهم صلى الله عليه وسلم إلا الجلاء، على أن يحمل كل أهل ثلاثة أبيات على بعير ما شاءوا من المتاع إلا الحلقة، فكانوا يحملون كل ما استطاعوا ولو أبواب المنازل، يخربون بيوتهم ويحملون ما استطاعوا معهم وقد أوردنا مجمل هذه القصة في سبب نزول هذه السورة لأن عليها تدور معاني هذه السورة كلها، وكما قال الإمام أبو العباس ابن تيميةرحمه الله في رسالة أصول التفسير: إن معرفة السبب تعين على معرفة التفسير (وليعلم المسلمون مدى ما جبل عليه اليهود من غدر وما سلكوا من أساليب المراوغة فما أشبه الليلة بالبارحة).
والذي من منهج الشيخرحمه الله في الأضواء قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ } حيث أسند إخراجهم إلى الله تعالى مع وجود حصار المسلمين إياهم.
وقد تقدم للشيخرحمه الله نظيره عند قوله تعالى:
{ وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً } [الأحزاب: 25]، قالرحمه الله تعالى عندها: ذكر جل وعلا أنه { رد الذين كفروا بغيظهم } الآية، ولم يبين السبب الذي ردهم به. ولكنه جل وعلا بين ذلك بقوله: { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا } [الأحزاب: 9] اهـ.
وهنا أيضاً في هذه الآية أسند إخراجهم إليه تعالى مع حصار المسلمين إياهم، وقد بين تعالى السبب الحقيقي لإخراجهم في قوله تعالى:
{ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ } [الحشر: 2]، وهذا من أهم أسباب إخراجهم، لأنهم في موقف القوة وراء الحصون، لم يتوقع المؤمنون خروجهم، وظنوا هم أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقد كان هذا الإخراج من الله إياهم بوعد سابق من الله لرسوله في قوله تعالى: { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } [البقرة: 137].
وبهذا الإخراج تحقق كفاية الله لرسوله صلى الله عليه وسلم منهم، فقد كفاه إياهم بإخراجهم من ديارهم، فكان إخراجهم حقاً من الله تعالى: وبوعد مسبق من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد أكد هذا بقوله تعالى مخاطباً للمسلمين في خصوصهم:
{ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [الحشر: 6] وتسليط الرسول صلى الله عليه وسلم هو بما بين صلى الله عليه وسلم في قوله: "نصرت بالرعب مسيرة شهر" وهو ما يتمشى مع قوله تعالى: { وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ } [الحشر: 2].
وجملة هذا السياق هنا يتفق مع السياق في سورة الأحزاب عن بني قريظة سواء بسواء، وذلك في قوله تعالى:
{ وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } [الأحزاب: 26-27] وعليه ظهرت حقيقة إسناد إخراجهم لله تعالى، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب. كما أنه هو تعالى الذي رد الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً. بما أرسل عليهم من الرياح والجنود، وهو الذي كفى المؤمنين القتال. وهو تعالى الذي أنزل بني قريظة من صياصيهم. وورث المؤمنين ديارهم وأموالهم، وكان الله على كل شيء قديراً.
ورشح لهذا كله التذييل في آخر الآية. يطلب الاعتبار والاتعاظ بما فعل الله بهم:
{ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } [الحشر: 2].
أي بإخراج الذين كفروا من حصونهم وديارهم ومواطن قوتهم، ما ظننتم أن يخرجوا لضعف اقتداركم، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم لقوتها ومنعتها، ولكن أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب. فلم يستطيعوا البقاء. وكانت حقيقة إخراجهم من ديارهم هي من الله تعالى.
قوله تعالى: { لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ }.
اختلف في معنى الحشر في هذه الآية، وبناء عليه اختلف في معنى الأول.
فقيل: المراد بالحشر أرض المحشر، وهي الشام.
وقيل المراد بالحشر: الجمع.
واستدل القائلون بالأول بآثار منها: ما رواه ابن كثير عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من شك في أن أرض المحشر ها هنا يعني الشام فليقرأ هذه الآية:{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ }، وما رواه أبو حيان في البحر عن عكرمة أيضاً والزهري، وساق قوله صلى الله عليه وسلم أنه قال لبني النضير:
"أخرجوا" ، قالوا: إلى أين؟ قال: "إلى أرض المحشر" . وعلى هذا تكون الأولية هنا مكانية، أي لأول مكان من أرض المحشر. وهي أرض الشام، وأوائله خيبر وأذرعات.
وقيل: إن الحشر على معناه اللغوي وهو الجمع. قال أبو حيان في البحر المحيط. الحشر الجمع للتوجه إلى ناحية ما، ومن هذا المعنى. قيل: الحشر هو حشد الرسول صلى الله عليه وسلم الكتائب لقتالهم. وهو أول حشر منه لهم وأول قتال قاتلهم. وعليه فتكون الأولية زمانية وتقتضي حشراً بعده. فقيل: هو حشر عمر إياهم بخيبر. وقيل: نار تسوق الناس من المشرق إلى المغرب، وهو حديث في الصحيح. وقيل: البعث.
إلا أن هذه المعاني أعم من محل الخلاف لأن النار المذكورة والبعث ليستا خاصتين باليهود، ولا ببني النضير خاصة ومما أشا إليه الشيخرحمه الله أن من أنواع البيان الاستدلال على أحد المعاني بكونه هو الغالب في القرآن، ومثل له في المقدمة بقوله تعالى:
{ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ } [المجادلة: 21]، فقد قال بعض العلماء: بأن المراد بهذه الغلبة. الغلبة بالحجة والبيان، والغالب في القرآن استعمال الغلبة بالسيف والسنان، وذلك دليل واضح على دخول تلك الغلبة في الآية، لأن خير ما يبين به القرآن القرآن.
وهنا في هذه الآية، فإن غلبة استعمال القرآن بل عموم استعماله في الحشر إنما هو للجمع، ثم بين المراد بالحشر لأي شيء منها قوله تعالى:
{ وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْس وَٱلطَّيْرِ } [النمل: 17]، وقوله: { وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً } [الأنعام: 111]، وقوله عن نبي الله داود: { وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 19]، وقوله تعالى عن فرعون: { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } [طه: 59]، وقوله تعالى: { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } [الأعراف: 111]. وقوله: { فَحَشَرَ فَنَادَىٰ } [النازعات: 23] فكلها بمعنى الجمع.
وإذا استعمل بمعنى يوم القيامة فإنه يأتي مقروناً بما يدل عليه، وهو جميع استعمالات القرآن لهذا، مثل قوله تعالى:
{ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ } [الكهف: 47] وذلك في يوم القيامة لبروز الأرض. وقوله تعالى: { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } [مريم: 85]، وذلك في يوم القيامة لتقييده باليوم. وقوله تعالى: { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } [طه: 102]. وقوله تعالى: { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } [التكوير: 5] وقوله تعالى: { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } [فصلت: 19]. إلى غير ذلك مما هو مقيد بما يعين المراد بالحشر، وهو يوم القيامة.
فإذا أطلق كان لمجرد الجمع كما في الأمثلة المتقدمة، وعليه فيكون المراد بقوله تعالى: { لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ }، أن الراجح فيه لأول الجمع، وتكون الأولية زمانية وفعلاً، فقد كان أول جمع لليهود، وقد أعقبه جمع آخر لإخوانهم بني قريظة بعد عام واحد، وأعقبه جمع آخر في خيبر، وقد قدمنا ربط إخراج بني النضير من ديارهم بإنزال بني قريظة من صياصيهم، وهكذا ربط جمع هؤلاء بأولئك إلا أن هؤلاء أجلوا وأخرجوا، وأولئك قتلوا واسترقوا.
تنبيه
وكون الحشر بمعنى الجمع لا يتنافى مع كون خروجهم كان إلى أوائل الشام، لأن الغرض الأول جمعهم للخروج من المدينة، ثم يتوجهون بعد ذلك إلى الشام أو إلى غيرها.
وقد استدل بعض العلماء على أن توجههم كان إلى الشام من قوله تعالى:
{ يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَآ أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّآ أَصْحَابَ ٱلسَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } [النساء: 47]، لأن السياق في أهل الكتاب، والتعريض بأصحاب السبت ألصق بهم.
فقال بعض المفسرين: الوجوه هنا هي سكناهم بالمدينة، وطمسها تغير معالمها، وردهم على أدبارهم. أي إلى بلاد الشام التي جاءوا منها اولاً حينما خرجوا من الشام إلى المدينة، انتظاراً لمحمد صلى الله عليه وسلم. حكاه أبو حيان وحسنه الزمخشري.
قوله تعالى: { فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ }.
أتى: تأتي لعدة معان، منها بمعنى المجيء، ومنها بمعنى الإنذار، ومنها بمعنى المداهمة.
وقد توهم الرازي أنها من باب الصفات، فقال: المسألة الثانية قوله: { فَأَتَاهُمُ ٱللَّه }، لا يمكنهم إجراؤه على ظاهره باتفاق جمهور العقلاء، فدل على أن باب التأويل مفتوح، وإن صرف الآيات عن ظواهرها بمقتضى الدلائل العقلية جائز اهـ.
وهذا منه على مبدئه في تأويل آيات الصفات، ويكفي لرده أنه مبني على متقضى الدلائل العقلية، ومعلوم أن العقل لا مدخل له في باب صفات الله تعالى، لأنها فوق مستويات العقول:
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } [الشورى: 11] ولا يحيطون به علماً سبحانه وتعالى.
أما معنى الآية، فإن سياق القرآن يدل على أن مثل هذا السياق ليس من باب الصفات كما في قوله تعالى:
{ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ } [النحل: 26]، أي هدمه واقتلعه من قواعده، ونظيره: { أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً } [يونس: 24]. وقوله: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } [الرعد: 41] وقوله { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ } [الأنبياء: 44].
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في العدوى: أني قلت أتيت أي دهيت، وتغير عليك حسك فتوهمت ما ليس بصحيح صحيحاً.
ويقال: أُتي فلان بضم الهمزة وكسر التاء إذا أظل عليه العدو، ومنه قولهم: "من مأمنه يؤتي الحذر". فيكون قوله تعالى: { فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ } أخذهم ودهاهم وباغتهم من حيث لم يحتسبوا من قتل كعب بن الأشرف وحصارهم، وقذف الرعب في قلوبهم.
وهناك موقف آخر في سورة البقرة يؤيد ما ذكرناه هنا، وهو قوله تعالى:
{ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ فَٱعْفُواْ وَٱصْفَحُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [البقرة: 109].
فقوله تعالى: { فَٱعْفُواْ وَٱصْفَحُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ } وهو في سياق أهل الكتاب، وهم بذاتهم الذين قال فيهم: { فَأَتَاهُمْ الله } فيكون، فأتاهم الله هنا هو إتيان أمره تعالى الموعود في بادئ الأمر عند الأمر بالعفو والصفح.
وقد أورد الشيخرحمه الله عند قوله تعالى: { فَٱعْفُواْ وَٱصْفَحُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ } أن هذه الآية في أهل الكتاب كما هو واضح من السياق، وقال: والأمر في قوله: { بِأَمْرِهِ }، قال بعض العلماء: هو واحد الأوامر، وقال بعضهم: هو واحد الأمور.
فعلى القول الأول بأنه الأمر الذي هو ضد النهي، فإن الأمر المذكور، هو المصرح به في قوله:
{ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } [التوبة: 29].
وعلى القول بأن واحد الأمور، فهو ما صرح الله به في الآيات الدالة على ما أوقع باليهود من القتل والتشريد كقوله:
{ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ } [الحشر: 2-3] الآية، إلى غير ذلك من الآيات، والآية غير منسوخة على التحقيق. اهـ [من الجزء الأول من الأضواء].
فقد نصرحمه الله على أن آية: { فَٱعْفُواْ وَٱصْفَحُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ } مرتبطة بآية: { فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ } هذه كما قدمنا: أن هذا هو الأمر الموعود به، وقد أتاهم به من حيث لم يحتسبوا، ويشهد لهذا كله القراءة الثانية فآتاهم بالمد: بمعنى أعطاهم وأنزل بهم، ويكون الفعل متعدياً والمفعول محذوف دل عليه قوله { مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ } أي أنزل بهم عقوبة وذلة ومهانة جاءتهم من حيث لم يحتسبوا والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: { وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ }.
منطوقه أن الرعب سبب من أسباب هزيمة اليود، ومفهوم المحالفة يدل على أن العكس بالعكس، أي أن الطمأنينة وهي ضد الرعب، سبب من أسباب النصر، وهو ضد الهزيمة.
وقد جاء ذلك المفهوم مصرحاً به في آيات من كتاب الله تعالى، منها قوله تعالى:
{ لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } [الفتح: 18]، ومنها قوله تعالى: { لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَذٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } [التوبة: 25-26]، فقد ولوا مدبرين بالهزيمة، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، وأنزلَ جنوداً من الملائكة فكان النَّصر لهم، وهزيمة أعدائهم المشار إليها بقوله تعالى: { وَعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي بالقتل والسبي في ذلك اليوم.
ومنها قوله تعالى:
{ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [التوبة: 40].
وهذا الموقف آية من آيات الله، اثنان أعزلان يتحديان قريشاً بكاملها، بعددها وعددها، فيخرجان تحت ظلال السيوف، ويدخلان الغار في سدفة الليل، ويأتي الطلب على فم الغار بقلوب حانقة، وسيوف مصلته، وآذان مرهفة حتى يقول الصديق رضي الله عنه: والله يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت نعليه لأبصرنا، فيقول صلى الله عليه وسلم وهو في غاية الطمأنينة، ومنتهى السكينة
"ما بالك باثنين الله ثالثهما"
ومنها، وفي أخطر المواقف في الإسلام، في غزوة بدر، حيثما التقى الحق بالباطل وجهاً لوجه، جاءت قوى الشر في خيلائها وبطرها وأشرها، وأمامها جند الله في تواضعهم وإيمانهم وضراعتهم إلى الله { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } [الأنفال: 9-11].
فما جعل الله الإمداد بالملائكة إلا لتطمئن به قلوبهم، وما غشاهم النعاس إلا أمنةً منه، وتم كل ذلك بما ربط على قلوبهم، فقاموا بقلتهم قوى الشر على كثرتهم، وتم النصر من عند الله بمدد من الله، كما ربط على قلوب أهل الكهف:
{ وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً } [الكهف: 14].
هذه آثار الطمأنينة والسكينة والربط على القلوب المدلول عليه بمفهوم المخالفة من قوله تعالى:
{ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الحشر: 2]، وقد جمع الله تعالى الأمرين المنطوق والمفهوم في قوله تعالى: { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ } [الأنفال: 12] فنص على الطمأنينة بالتثبيت في قوله:{ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }، ونص على الرعب في قوله: { سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْب } فكانت الطمأنينة تثبيتاً للمؤمنين، والرعب زلزلة للكافرين.
وقد جاء في الحديث أن جبريل عليه السلام. لما أمر النَّبي صلى الله عليه وسلم بالتوجه إلى بني قريظة، قال: "إني متقدمكم لأزلزل بهم الأقدام"، ومما يدل على أسباب هذه الطمأنينة في هذه المواقف قوله تعالى:
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } [الأنفال: 45-46].
فذكر الله تعالى أربعة أسباب للطمأنينة.
الأولى: الثبات، وقد دل عليها قوله تعالى:
{ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ } [الصف: 4].
والثانية: ذكر الله كثيراً، وقد دل عليها قوله تعالى:
{ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } [الرعد: 28].
والثالثة: طاعة الله ورسوله، ويدل لها قوله تعالى:
{ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } [محمد: 20-21].
والرابعة: عدم التنازع والاعتصام والألفة، ويدل عليها قوله تعالى:
{ وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ } [آل عمران: 103].
ومن ذكر أسباب الهزيمة من رعب القلوب، وأسباب النصر من السكينة والطمأنينة، تعلم مدى تأثير الدعايات في الآونة الأخيرة. وما سمي بالحرب الباردة من كلام وإرجاف مما ينبغي الحذر منه أشد الحذر، وقد حذر الله تعالى منه في قوله تعالى:
{ قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً } [الأحزاب: 18]: وقد حذر تعالى من السماع لهؤلاء في قوله تعالى: { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } [التوبة: 47].
ولما اشتد الأمر على المسلمين في غزوة الأحزاب، وبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم أن اليهود نقضوا عهدهم، أرسل إليهم صلى الله عليه وسلم من يستطلع خبرهم، وأوصاهم إن هم رأوا غدراً ألا يصرحوا بذلك، وأن يلحنوا له لحناً حفاظاً على طمأنينة المسلمين، وإبعاداً للإرجاف في صفوفهم.
كما بين تعالى أثر الدعاية الحسنة في قوله تعالى:
{ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ } [الأنفال: 60] وقد كان بالفعل لخروج جيش أسامة بعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، وعند تربص الأعراب - كان له الأثر الكبير في إحباط نوايا المتربصين بالمسلمين، وقالوا: ما أنفذوا هذا البعث إلا وعندهم الجيوش الكافية والقوة اللازمة.
وما أجراه الله في غزوة بدر من هذا القبيل أكبر دليل عملي، إذ يقلل كل فريق في أعين الآخرين. كما قال تعالى:
{ إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِيۤ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِيۤ أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } [الأنفال: 43-44] وهذا كله مما ينبغي الاستفادة منه اليوم على العدو في قضية الإسلام والمسلمين.