{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ } يبيعها أي يبذلها في الجهاد، أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى يُقتل { ٱبْتِغَاء مَرْضَاتَ ٱللَّهِ } طلباً لرضاه. قيل: إنها نزلت في صهيب بن سنان الرومي، أخذه المشركون وعذبوه ليرتد فقال: إني شيخ كبير لا ينفعكم إن كنتُ معكم ولا يضركم إن كنت عليكم فخلوني وما أنا عليه وخذوا مالي فقبلوه منه وأتى المدينة. { وَٱللَّهُ رَءوفٌ بِٱلْعِبَادِ } حيث أرشدهم إلى مثل هذا الشراء وكلفهم بالجهاد فعرضهم لثواب الغزاة والشهداء. { يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسّلْمِ كَافَّةً } { ٱلسِّلْمُ } بالكسر والفتح الاستسلام والطاعة، ولذلك يطلق في الصلح والإِسلام. فتحه ابن كثير ونافع والكسائي وكسره الباقون. وكافة اسم للجملة لأنها تكف الأجزاء من التفرق حال من الضمير أو السلم لأنها تؤنث كالحرب قال:
السِّلْمُ تَأخُذُ مِنْهَا مَا رَضِيتَ بِه وَالحَرْبُ يَكْفِيْكَ مِنْ أَنَفَاسِهَا جُرَعُ
والمعنى استسلموا لله وأطيعوه جملة ظاهراً وباطناً، والخطاب للمنافقين، أو ادخلوا في الإسلام بكليتكم ولا تخلطوا به غيره. والخطاب لمؤمني أهل الكتاب، فإنهم بعد إسلامهم عظموا السبت وحرموا الإِبل وألبانها، أو في شرائع الله كلها بالإيمان بالأنبياء والكتب جميعاً والخطاب لأهل الكتاب، أو في شعب الإِسلام وأحكامه كلها فلا تخلوا بشيء والخطاب للمسلمين. { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ } بالتفرق والتفريق. { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ظاهر العداوة.