التفاسير

< >
عرض

لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
٢١
-الحشر

محاسن التأويل

{ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ } أي: الجامع للمواعظ، الموجب للنظر والتقوى بكل حال، { عَلَى جَبَلٍ } قال المهايمي: أي: بتفهيمه له، وتكليفه بما فيه، بعد إعطاء القوى المدركة والمحركة، { لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً } أي: متذللا لعظمة الله { مُّتَصَدِّعاً } أي: متشققا { مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ } أي: مع عظم مقداره، وغاية صلابته، وتناهي قساوته. قال القاشاني: أي: قلوبهم أقسى من الحجر في عدم التأثر والقبول، إذ الكلام الإلهي بلغ من التأثير ما لا إمكان للزيادة وراءه، حتى لو فرض إنزاله على جبل لتأثر منه بالخشوع والانصداع { وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } أي: وتلك الأمور، وإن كانت وهمية، مفروضة، فلا بدّ من اعتبارها وضربها للناس الذين نسوا صغر مقدارهم فتكبروا، ولينهم فقست قلوبهم { لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } أي: ليعلموا أنه أولى بذلك الخشوع والتصدع.
قال الزمخشري: الآية تمثيل كما مرّ في قوله:
{ { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } [الأحزاب: 72] وقد دل عليه قوله: { وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } والغرض توبيخ الْإِنْسَاْن على قسوة قلبه، وقلة تخشعه، عند تدبر القرآن، وتدبر قوارعه وزواجره.
ثم أشار تعالى إلى أنه كيف يترك الخشوع لذات الله وأسمائه، مع أنه: { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ .... }.