التفاسير

< >
عرض

حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً
٢٤
-الجن

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

فإن قيل: ما الشيء الذي جعل ما بعد حتى غاية له؟ قلنا: فيه وجهان الأول: أنه متعلق بقوله: { { يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } [الجن: 19] والتقدير أنهم يتظاهرون عليه بالعداوة ويستضعفون أنصاره ويستقلون (عدده) حتى إذا رأوا ما يوعدون من يوم بدر وإظهار الله له عليهم أو من يوم القيامة، فسيعلمون أيهم أضعف ناصراً وأقل عدداً، الثاني: أنه متعلق بمحذوف دلت عليه الحال من استضعاف الكفار له واستقلالهم لعدده كأنه قيل: هؤلاء لا يزالون على ما هم عليه حتى إذا كان كذا كان كذا، واعلم أن نظير هذه الآية قوله في مريم: { { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ } [مريم: 75] واعلم أن الكافر لا ناصر له ولا شفيع يوم القيامة على ما قال: { { مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } [غافر: 18] { { وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ } [الأنبياء: 28] ويفر كل أحد منهم من صاحبه على ما قال: { { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْء مِنْ أَخِيهِ } [عبس: 34] إلى آخره: { { يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ } [الحج: 2] وأما المؤمنون فلهم العزة والكرامة والكثرة قال تعالى: { { وَالمَلَـٰئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ * سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ } [الرعد: 23، 24] والملك القدوس يسلم عليهم { سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ } فهناك يظهر أن القوة والعدد في جانب المؤمنين أو في جانب الكفار.