قوله: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ
تَزْعُمُونَ } يعني أوثانهم الذين يزعمون أنها تقربهم إلى الله زلفى، أي قربة. ذلك في
أمر دنياهم ليصلحها لهم، ولا يقرّون بالبعث.
قوله: { ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ } قال مجاهد وغيره: معذرتهم، وقال الكلبي:
معذرتهم وحجتهم { إِلاَّ أَن قَالُوا وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }. قال مجاهد: قالوا ذلك
حين خلدوا في النار.
قال: { انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ } قال الحسن: جحدوا أنهم لم يكونوا
في الدنيا مشركين. وقال بعضهم: انظر كيف كذبوا على أنفسهم باعتذارهم بالكذب
والباطل { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } أي يشركون.
وقال الحسن: { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } أي: الأوثان التي عبدوها ضلّت
عنهم فلم تغن عنهم شيئاً. وقال مجاهد: { انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ }:
بتكذيب الله إياهم.
قوله: { وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمُ أَكِنَّةً } أي غُلُفاً { أَن
يَفْقَهُوهُ } أي لئلا يفقهوه { وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْراً } أي صمماً عن الهدى.
{ وَإِن يَرَوْا كُلَّ ءَايَةٍ } يعني ما سألوا النبي عليه السلام من الآيات. { لاَّ يُؤْمِنُوا
بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ } ومجادلتهم أن { يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ
أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ } أي كذب الأولين وباطلهم. يعنون القرآن.
وقال الكلبي: كان النضر بن الحارث أخو بني عبد الدار كثير الأحاديث عن
الأعاجم. فلما حدثهم نبي الله صلى الله عليه وسلم عن القرون الأولى قال النضر: { إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ
الأَوَّلِينَ }.
قوله: { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } ذكروا أنها نزلت في أبي طالب؛ كان
ينهى عن النبي من يؤذيه وينأى عما جاء به، أي يتباعد عنه. وقال الحسن: { وَهُمْ
يَنْهَوْنَ عَنْهُ } أي عن [اتِّباع] محمد وينأون عنه أي ويتباعدون عنه فراراً { وَإِن
يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ } بذلك { وَمَا يَشْعُرُونَ } أنهم يهلكون أنفسهم بذلك.