التفاسير

< >
عرض

وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ
٢٨
-العنكبوت

خواطر محمد متولي الشعراوي

هنا ينتقل السياق من قصة إبراهيم لقصة ابن أخيه لوط، ونلحظ أن القرآن في الكلام عن نوح وإبراهيم ولوط بدأ الحديث بذكره أولاً، وعادة القرآن حينما يتكلم عن الرسل يذكر القوم أولاً، كما قال تعالى: { { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً .. } [الأعراف: 65]، { { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً .. } [الأعراف: 73]، { { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً .. } [الأعراف: 85].
قالوا: لأن قوم نوح، وقوم إبراهيم، وقوم لوط لم يكُنْ لهم اسم معروف، فذكر أنبياءهم أولاً، أمَّا عاد وثمود ومدين فأسماء لأناس معروفين، ولهم قرى معروفة، فالأصل أن القوم هم المقصودون بالرسالة والهداية؛ لذلك يُذكَرون أولاً فهم الأصل في الرسالة، أما الرسول فليستْ الرسالة وظيفة يجعلها الله لواحد من الناس.
{ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } [العنكبوت: 28] وسمى خسيسة قومه فاحشة؛ لذلك قال العلماء في عقوبتها: يصير عليها ما يصير على الفاحشة من الجزاء؛ لأن الحق سبحانه سمى الزنا فاحشة فقال
{ { إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً .. } [النساء: 22] والزنا شُرِع له الرجم، وكذلك يكون جزاء مَنْ يفعل فِعلْة قوم لوط الرجم.
وقوله: { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } [العنكبوت: 28] لا يعني هذا أن أحداً لم يفعلها قبلهم، لكنها إنْ فُعِلت فهي فردية، ليست وباءً منتشراً كما في هؤلاء.