التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً
٣٢
-الفرقان

الدر المصون

قوله: { جُمْلَةً }: حالٌ من القرآن، إذ هي في معنى مُجْتمعاً.
قوله: { كَذَلِكَ } إمَّا مرفوعةٌ المَحَلِّ أي: الأمرُ كذلك. و"لِنُثَبِّتَ" علةٌ لمحذوفٍ أي: لِنُثَبِّتَ فَعَلْنا ذلك. وإمَّا منصوبتُه على الحالِ أي: أنزل مثلَ ذلك، أو على النعت لمصدر محذوفٍ، و"لِنُثَبِّتَ" متعلقٌ بذلك الفعلِ المحذوفِ. وقال أبو حاتمٍ: "هي جوابُ قسمٍ" وهذا قولٌ مرجُوْحٌ نحا إليه الأخفش وجَعَلَ منه "ولِتَصْغَىٰ"، وقد تقدَّم في الأنعام.
وقرأ عبد الله "لِيُثَبِّتَ" بالياءِ أي: اللهُ تعالىٰ.
والتَّرْتيل: التفريقُ. ومجيءُ الكلمةِ بعد الأخرىٰ بسكونٍ يسيرٍ دونَ قَطْع النَّفَسِ. ومنه ثَغْرٌ رَتْلٌ ومُرَتَّل أي: مُفَلَّجُ الأسنان، بين أسنانِه فُرَجٌ يسيرةٌ.
قال الزمخشري: "ونُزِّل هنا بمعنىٰ: أَنْزَل لا غير كـ خَبَّر بمعنى أَخْبر، وإلاَّ تدافَعا" يعني أنَّ "نَزَّلَ" بالتشديدِ يقتضي بالأصالةِ التنجيمَ والتفريق، فلو لم يُجْعَلْ بمعنى أنزل الذي لا يقتضي ذلك لتدافعَ مع قولِه "جُمْلَةً" لأنَّ الجملةَ تُنَافي التفريقَ، وهذا بناءً منه على معتقدِه وهو أنَّ التضعيفَ يَدُلُّ على التفريقِ. وقد نَصَّ على ذلك في مواضعَ من كتابة "الكشاف". وتقدَّم ذلك في البقرةِ وأولِ آل عمران وآخرِ الإِسراء، وحكى هناك عن ابنِ عباس ما يُقَوِّي ظاهرُه صحتَه.