{ قَالُواْ سُبْحَـٰنَ رَبِّنَآ }، نزَّهوه عن أن يكون ظالماً فيما فعل, وأقروا على أنفسهم بالظلم فقالوا: { إِنَّا كُنَّا ظَالِمِين }، بمنعنا المساكين.
{ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَـٰوَمُونَ }، يلوم بعضهم بعضاً في منع المساكين حقوقهم, ونادوا على أنفسهم بالويل:
{ قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا طَـٰغِينَ }، في منعنا حق الفقراء. وقال ابن كيسان: طغينا نِعَمَ الله فلم نشكرها ولم نصنع ما صنع آباؤنا من قبل.
ثم رجعوا إلى أنفسهم فقالوا: { عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَٰغِبُونَ }، قال عبد الله بن مسعود: بلغني أن القوم أخلصوا, وعرف الله منهم الصدق, فأبدلهم بها جنة يقال لها الحيوان، فيها عنب يحمل البغل منه عنقوداً واحداً.
قال الله تعالى: { كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ }، أي: كفعلنا بهم نفعل بمن تعدى حدودنا وخالف أمرنا، { وَلَعَذَابُ ٱلأَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُون }. ثم أخبر بما عنده للمتقين فقال:
{ إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ }، فقال المشركون: إنا نعطى في الآخرة أفضل مما تعطون فقال الله تكذيباً لهم:
{ أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَـٰبٌ }، نزل من عند الله، { فِيهِ }، في هذا الكتاب، { تَدْرُسُونَ }، تقرؤون.
{ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ }، في ذلك الكتاب، { لَمَا تَخَيَّرُون }، تختارون وتشتهون.