{ إنك ميت وإنهم ميتون } معناه: كل شيء هالك إلا وجهه، أي: فانٍ في الله، وهم في شهودك هالكون معدومون بذواتهم.
{ ثم إنكم يوم القيامة } الكبرى { عند ربّكم تختصمون } لاختلافكم في الحقيقة والطريقة لكونهم محجوبين بالنفس وصفاتها، سائرين بها طالبين لشهواتها ولذاتها، وكونك دائماً بالحق سائراً به طالباً لوجهه ورضاه { ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا } من صفات نفوسهم وهيئات رذائلهم { ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون } من تجليات صفاته وجنات جماله، فيمحو ظلمات وجوداتهم بنور وجهه.
{ أليس الله بكافٍ عبده } المتوكل عليه في توحيد الأفعال وهو منبع القوى والقدر { ويخوّفونك بالذين من دونه } لاحتجابهم بالكثرة عنه، فينسبون التأثير والقدرة إلى ما هو ميت بالذات لا حول له ولا قوة، فأنت أحق بأن يكفيك ربّك شرّهم { ومن يضلل الله } يحجبه عنه { فما له من هادٍ } إذ لا معقب لحكمه ولا رادّ لقضائه.
{ قل لله الشفاعة جميعاً } لتوقفها على إرضائه للمشفوع له بتهيئته لقبولها، وإذن الشفيع بتمكينه منها والتهيىء من فيضه الأقدس، فالقبول والتأثير من جهته له المُلْك مطلقاً { وإليه } الرجوع دائماً { ما لم يكونوا يحتسبون } مما يشاهدون من هيئات أعمالهم وصور أخلاقهم التي ذهلوا عنها لاشتغالهم بالشواغل الحسيّة، وأحصاه الله بإثباته في كتبهم بل في الكتب الأربعة من نفوسهم والسماء الدنيا واللوح المحفوظ وأمّ الكتاب.