{ وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ } اى بحال شبيهة بحالك فى ادّعاء الرّسالة مثل قولهم: هذا ملك الرّوم وملك الفرس اذا أرسلوا رسولاً كان له خدم وحشم وضياع وعقار وخيامٌ وفساطيط، وحالهم فى الرّسالة شبيهة بحالك فى ادّعاء الرّسالة من الله الّذى هو خالق الارض والسّماء، بل حالك فى هذا الادّعاء اجلّ وارفع من حالهم واذ ليس لك مثل ما لهم فلم تكن رسولاً او بحال شبيهة بحالك فى البشريّة مانعة من الرّسالة مثل قولهم: انّك تأكل وتمشى فى الاسواق مثلنا وهذه الحالة تدلّ على الاحتياج، والاحتياج ينافى الرّسالة من الغنىّ المطلق، او بحال شبيهة بحالك بل اشرف من حالك ولم ينزل الى صاحبها ملك ولم يصر رسولاً فلست انت برسولٍ مثل قولهم: لولا أنزل الينا الملائكة فانّه فى معنى قولهم؛ نحن اشرف حالاً منه من حيث تربية الآباء وتعليم المعلّمين واكتساب الفضائل الانسانيّة فانّا قد تدرّسنا فى مدارس العلم وأتعبنا أنفسنا فى تحصيل العلوم والحكمة واكتسبنا الخطّ والكتابة، ومن حيث الجدة والحسب ولم نصر رسلا فكيف صار هو رسولاً من بيننا مع انّه لم ير أباً ولم يحصّل علماً وما كان ذا مالٍ ولم يقرأ ولم يكتب، او بحال شبيهةٍ بحالك فى الرّسالة وعدم موافقة حالك لها مثل قولهم لولا انزل عليه القرآن جملةً واحدةً فانّه فى معنى قولهم: حاله فى الرّسالة شبيهة بحال الرّسل الماضية فلو كان رسولاً مثلهم لاتى بكتابة جملةً واحدةً مثل اتيانهم بكتبهم واذ لم يأت به دفعةً مثلهم فليس برسولٍ { إِلاَّ جِئْنَاكَ بِٱلْحَقِّ } بالجواب الحقّ الثّابت الدّافع لابطال امثلتهم المبطل لها المبقى لرسالتك من غير معارضٍ ومبطلٍ { وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } اى بياناً من بيانهم لابطال رسالتك.