. يقول تعالـى ذكره: قال فرعون لـما أراه موسى من عظيـم قدرة الله وسلطانه حجة علـيه لـموسى بحقـيقة ما دعاه إلـيه، وصدق ما أتاه به من عند ربه { للْـمَلإِ حَوْلَه } يعنـي لأشراف قومه الذين كانوا حوله: { إنَّ هَذَا لَساحِرٌ عَلِـيـمٌ } يقول: إن موسى سحر عصاه حتـى أراكموها ثعبـاناً { عَلِـيـمٌ }، يقول: ذو علـم بـالسحر وبصر به { يُرِيدُ أنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ } يقول: يريد أن يخرج بنـي إسرائيـل من أرضكم إلـى الشأم بقهره إياكم بـالسحر. وإنـما قال: يريد أن يخرجكم فجعل الـخطاب للـملإ حوله من القبط، والـمعنـيّ به بنو إسرائيـل، لأن القبط كان قد استعبدوا بنـي إسرائيـل، واتـخذوهم خدماً لأنفسهم ومُهَّاناً، فلذلك قال لهم: { يُرِيدُ أنْ يُخْرِجَكُمْ } وهو يريد: أن يخرج خدمكم وعبـيدكم من أرض مصر إلـى الشأم.
وإنـما قلت معنى ذلك كذلك، لأن الله إنـما أرسل موسى إلـى فرعون يأمره بإرسال بنـي إسرائيـل معه، فقال له ولأخيه
{ { فَأْتِـيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إنَّا رَسُولُ رَبّ العالَـمِينَ أنْ أرْسِلْ مَعَنا بَنـي إسْرائِيـلَ } . وقوله: { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } يقول: فأيّ شيء تأمرون فـي أمر موسى وما به تشيرون من الرأي فـيه؟ { قالُوا أَرْجِهْ وأخاهُ، وَابْعَثْ فـي الـمَدَائِنِ حاشِرِينَ } يقول تعالـى ذكره: فأجاب فرعون الـملأ حوله بأن قالوا له: أخِّر موسى وأخاه وأنِظره، وابعث فـي بلادك وأمصار مصر حاشرين يحشرون إلـيك كل سحّار علـيـم بـالسحر.