خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ
٤٣
-غافر

خواطر محمد متولي الشعراوي

كلمة (لاَ جَرمَ) أي: لا شك ولا محالة { أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ } [غافر: 43] أي: إلى عبادته من دون الله { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ } [غافر: 43] أي: دعوة مستجابة لأنهم لا يسمعون الدعاء ولو سمعوا ما استجابوا { وَأَنَّ مَرَدَّنَآ } [غافر: 43] أي: مرجعنا ومصيرنا ونهاية المطاف بنا { إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } [غافر: 43] أي: المستحقُّون لها الجديرون بها كأنهم أًصحابها.
ومعنى { ٱلْمُسْرِفِينَ } [غافر: 43] أي: المتجاوزين للحدِّ في الكفر والطغيان، وأشدهم المسرف على نفسه الذي تجاوز الحدَّ الذي ينبغي أنْ يقفَ عنده، وهذا الحد إما أنْ يكونَ في المأمورات أو في المنهيات.
والحق سبحانه يوضح لنا هذه القضية في قوله تعالى:
{ { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا } [البقرة: 229] أي: في المأمورات، ويقول في المنهيات: { { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا } [البقرة: 187].
ففي الأوامر احرص على ألاَّ تتعدَّاها وفي النواهي لا يقول لك: لا تفعلها بل لا تقربها، لا تقترب منها ولا من الأسباب المؤدية إليها لأنه مَنْ حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ولا بدَّ للمؤمن أن يحترم هذا الاحتياط من ربه، لأنه سبحانه خالقه، وأعلم به من نفسه.
والرجل المؤمن حينما يُذيل موعظته للقوم بقوله { وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } [غافر: 43] كأنه يريد أنْ يُعرِّض بفرعون الذي بلغ القمة في الإسراف على نفسه، لأن قضية الإسراف في الدين أنك قد لا تسمع لنداء الحق وتلغي أوامره وتعرض عن نواهيه، قد تلغي الإيمان بالله كلية، لكن هذا الطاغية زاد على هذا كله حيث ادَّعى هو الألوهية، وقال لقومه:
{ { فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [النازعات: 24] وأيُّ إسراف بعد هذا؟