التفاسير

< >
عرض

فَٱلْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً
٥
-النازعات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَالمُدَبِّرَاتِ أَمْراً } الملائكة تدبر أمر أهل الجنة وأهل النار بإيصال كل الى محله وقدر أعماله من لذة وألم، وقيل تدبر أمر الريح والسحاب وغير ذلك، قال غير واحد اتفقوا أن المراد بالمدبرات الملائكة وليس كذلك وقيل { { والنازعات غرقا } النفوس الخارجة بعد تفرقها في الصدر من قولك نزع الي كذا أي مال اليه والناشطات نفوس المؤمنين تنشط للخروج لما ترى من الكرامة لأنه تعرض عليهم مقاعدهم وأزواجهم في الجنة قبل الخروج وتدعوهم أزواجهم وروي ذلك عن ابن عباس وروي عن علي أن أرواح الكفار تنشط بين الجلد والظفر حتى تخرج من أفواههم بالكرب والغم.
والسابحات أرواح المؤمنين تسبح في الملكوت والكرامات والسابقات المستبقة إلى ذلك الخير والمدبرات المتصرفات في ذلك لشرفها وقوتها وقيل النفوس تنزع عن الشهوات وتنشط الى عالم القدس فتسبح في مراتب الإرتقاء فتسبق الى الكمالات وتكون من أهل التدبير، وقيل أنفس الغزاة أو أبدانهم تنزع القسي بإغراق السهام وتنشط بالسهم للرمي ويسبحون في البر والبحر ويسبقون الى حرب العدو فيدبرون أمر الحرب، وقيل صفات خيرهم فإنها تنزع في أعنتها نزعا فتغرق في النزع الأعنة لطول أعناقها وتخرج من دار الإسلام الى دار الكفر من قولك ثور ناشط إذا كان خارجا من بلد الى بلد وتسبح في الحرب فتسبق الى العدو فتدبر أمر الظفر.
وقيل السابحات والسابقات الخيل والإبل حين يخرجها أصحابها الى الغزو وقيل النجوم تنزع من المشرق الى المغرب غرقا بقطع الفلك حتى تبلغ أقصى المغرب وتنشط من برج الى برج وتسبح في الفلك فيسبق بعض في السير لكونه أسرع فقد بدا أمر أنيط بها كاختلاف الفصول وتقدير الأزمنة وظهور مواقيت العبادة وعبر في حركتها الى المغرب بالنزع لأنها قهرية وفي حركتها من برج لبرج بالنشط لملاءمتها، وقيل النازعات ملك الموت جمع تعظيما أو هو وأعوانه تنزع النفوس حتى تبلغ بها الغاية الناشطات النفوس تخرج من القدم الى الحلق والسابحات السفن والسابقات نفوس المؤمنين تسبق الى الخير أو الى الجنة والمدبرات قال ابن عباس الملائكة وكلوا بأمور عرفهم الله اياها قيل يدبر الأمر في الدنيا جبريل بالوحي والريح والجنود وميكائيل بالقطر والنبات وملك الموت بالقبض وإسرافيل ينزل بالأمر من الله اليهم فهم المدبرات.
ويجوز تفسير بعض ذلك بما لم يفسر به غيره على حد ما مر في المرسلات وقد قيل السابحات دواب البحر وقيل السابقات الرياح وقيل المنايا تسبق الأعمال وقد روي عن علي والحسن أن النازعات النجوم وعن ابن مسعود وابن عباس ومحمد بن علي أنها الملائكة تنزع النفس وعن علي وابن عباس ايضا أن الغرق إغراقها في النار وقيل في النازعات أنها بقر الوحش وعن الحسن الناشطات النفوس وعن ابن عباس نفوس المؤمنين وعن علي نفوس الكفار وعن محمد بن علي انها الملائكة تنشط الأنفس وعن ابن عباس النفوس مطلقا وأقسم بهذه الأشياء تعظيما لها وله أن يقسم بما شاء من خلقه أو يكون التقدير ورب النازعات وجواب القسم محذوف دل عليه ما بعده أي لتقومن الساعة أو لتبعثن وقيل مذكور هو
{ { أن في ذلك لعبرة لمن يخشى } وقيل { { قلوب يومئذ واجفة } }.