التفاسير

< >
عرض

فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٥٠
-الذاريات

حقائق التفسير

قوله تعالى: { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } [الآية: 50].
قال سهل: فروا مما سوى الله إلى الله ومن سخطه إلى رضوانه وفروا من المعصية إلى الطاعة ومن الجهل إلى العلم ومن عذابه إلى رحمته.
قال محمد بن حامد: حقيقة الفرار إلى الله ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"وألجأت ظهرى إليك" . وما روى عنه فى خبر عائشة أنه قال: "أعوذ بك منك" فهذا غاية الفرار منه إليه.
قال الواسطى رحمة الله عليه: { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } معناه لما سبق لهم من الله لا إلى علمهم وحركاتهم أنفسهم كما قال النبى صلى الله عليه وسلم:
"أعوذ بك منك" .
قال بعضهم: { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } اهربوا إليه والمعنى اخرجوا من أنفسكم فإن مؤنتها عظيمة عليكم فإنها مأوى كل سوء.
قال الواسطى رحمة الله عليه: فروا إلى الله عز وجل من رؤية الاكتساب واجتلاب قواك وفعلك.
وقال بعضهم: من فر من نفسه فلينظر إلى أحد يصل إليه إلاَّ من يفر من نفسه.
قال الواسطى رحمة الله عليه: علم العلماء ونسب المنتسبين لا ينفع عندما سبق من السوابق فلا نسب أشرف من نسب خلقه الله بيده فلم يعصمه ولا علم أرفع من علم من علَّمه الأسماء كلها ولا عبادة أجهل من عبادة إبليس لم ينفع ذلك مما سبق بل الفرار إليه مما ينفع لأنه يقول: { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } ففروا حينئذ من الله إلى الله بأجمعهم على ما أمرهم الله لا إلى أعمالهم ولا إلى علومهم ولا إلى أنسابهم ولا إلى أنفسهم كما قال عليه السلام:
"أعوذ بك منك" .
قال الواسطى رحمة الله عليه: عند التذكر أمر بالفرار إليه لم يكن للجسد اكتساب الروح ولم يكن للروح أن يكسب الجسد عجزًا وضعفًا قال: { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } عن رؤية الاكتساب فإنه اجتلاب قول وفعل وهما شيئان الروح والعقل فالروح لا يسرى إلى الروح والعقل لا يتهيأ له أن يدفع عن العقل مكروهاً.
سئل بعضهم عن قول النبى صلى الله عليه وسلم:
"سافروا تغنموا وصوموا تصحوا" .