التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً
٥٧
-الأحزاب

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان الذين يؤذون الله } يقال اذى يؤذى اذى واذية واذاية ولا يقال ايذاء كما فى القاموس ولكن شاع بين اهل التصنيف استعماله كما فى التنبيه لابن كمال. ثم ان حقيقة التأذى وهو بالفارسية [آزرده شدن] فى حقه تعالى محال فالمعنى يفعلون ما يكرهه ويرتكبون ما لا يرضاه بترك الايمان به ومخالفة امره ومتابعة هواهم ونسبة الولد والشريك اليه والاحاد فى اسمائه وصفاته ونفى قدرته على الاعادة وسب الدهر ونحت التصاوير تشبيها بخلق الله تعالى ونحو ذلك { ورسوله } بقولهم شاعر ساحر كاهن مجنون وطعنهم فى نكاح صفية الهارونية وهو الاذى القولى وكسر رباعيته وشج وجهه الكريم يوم احد ورمى التراب عليه ووضع القاذورات على مهر النبوة.
عبد الله بن مسعود [كفت ديدم رسول خدايرا عليه السلام در مسجد حرام درنماز بود سر بر سجود نهاده كه آن كافر بيامد وشكنبه شتر ميان دو كتف وى فرو كذاشت رسول همجنان در سجود بخدمت الهل ايستاده وسراززمين برنداشت تاآنكه كه فاطمه زهرا رضى الله عنها بيامد وآن از كتف مبارك وى بينداخت وروى نهاد درجمع قريش وآنجه سزاى ايشان بود كفت] ونحو ذلك من الاذى الفعلى ويجوز ان يكون المراد بايذاء الله ورسوله ايذاء رسول الله خاصة بطريق الحقيقة وذكر الله لتعظيمه والايذان بجلالة مقداره عنده وان ايذاءه عليه السلام ايذاء له تعالى لانه لما قال
{ { من يطع الرسول فقد اطاع الله } فمن آذى رسوله فقد آذى الله.
قال الامام السهيلىرحمه الله ليس لنا ان نقول ان ابوى النبى صلى الله عليه وسلم فى النار لقوله عليه السلام
"لا تؤذوا الاحياء بسب الاموات" والله تعالى يقول { ان الذين يؤذون الله ورسوله } الآية يعنى يدخل التعامل المذكور فى اللعنة الآتية ولا يجوز القول فى الانبياء عليهم السلام بشئ يؤدة الى العيب والنقصان ولا فيما يتعلق بهم.
وعن ابى سهلة بن جلاد رضى الله عنه
"ان رجلا ام قوما فبصق فى القبلة ورسول الله ينظر اليه فقال عليه السلام حين فرغ لا يصل بكم هذا فاراد بعد ذلك ان يصلى بم فمنعوه واخبروه بقول رسول الله فذكر ذلك لرسول الله فقال (نعم) وحسبت انه قال انك آذيت الله ورسوله" كما فى الترغيب للامام المنذرى.
قال العلماء اذا كان الامام يرتكب المكروهات فى الصلاة كره الاقتداء به لحديث ابى سهلة هذا وينبغى للناظر وولى الامر عزله لانه عليه السلام عزله بسبب بصاقه فى قبلة المسجد وكذلك تكره الصلاة بالموسوس لانه يشك فى افعال نفسه كما فى فتح القريب.
وانما يكره للامام ان يؤم قوما وهم له كارهون بسبب خصلة توجب الكراهة او لان فيهم من هو اولى منه واما ان كانت كراهتهم بغير سبب يقتضيها فلا تكره امامته لانها كراهة غير مشروعة فلا تعتبر.
ومن الاذية ان لا يذكر اسمه الشريف بالتعظيم والصلاة والتسليم: وفى المثنوى

آن دهان كثر كر واز تسخر بخواند مر محمد را دهانش كثر بماند
باز آمد كاى محمد عفو كن اى ترا الطاف علم من لدن
من تر افسوس مى كردم ز جهل من بدم افسوس را منسوب واهل
جون خدا خواهدكه برده كس درد ميلش اندر طعنه باكان برد
ورخدا خواهد كه بوشد عيب كس كم زند در عيب معيوبان نفس

{ لعنهم الله } طردهم وابعدهم من رحمته { فى الدنيا والآخرة } بحيث لا يكادون ينالون فيهما شيئا منها { واعدلهم } مع ذلك { عذابا مهينا } يصيبهم فى الآخرة خاصة اى نوعا من العذاب يهانون فيه فيذهب بعزهم وكبرهم.
قال فى التأويلات لما استحق المؤمنون بطاعة الرسول والصلاة عليه صلاة الله فكذلك الكافرون استحقوا بمخالفة الرسول وايذائه لعنة الله فلعنة الدنيا هى الطرد عن الحضرة والحرمان من الايمان ولعنة الآخرة الخلود فى النيران والحرمان من الجنان وهذا حقيقة قوله { واعد لهم عذابا مهينا }.
قال فى فتح الرحمن يحرم اذى النبى عليه السلام بالقول والفعل بالاتفاق.
واختلفوا فى حكم من سبه والعياذ بالله من المسلمين. فقال ابو حنيفة والشافعى هو كفر كالردة يقتل ما لم يتب وقال مالك واحمد يقتل ولا تقبل توبته لان قتله من جهة الحد لا من جهة الكفر.
واما الكافر اذا سبه صريحا بغير ما كفر به من تكذيبه ونحوه. فقال ابو حنيفة لا يقتل لان ما هو عليه من الشرك اعظم ولكن يؤدب ويعزر. وقال الشافعى ينتقض عهده فيخير فيه الامام بين القتل والاسترقاق والمنّ والفداء ولا يرد مأمنه لانه كافر لا امان له ولو لم يشترط عليه الكف عن ذلك بخلاف ما اذا ذكره بسوء يعقتده ويتدين به كتكذيب ونحوه فانه لا ينتقض عهده بذلك الا باشتراط. وقال مالك واحمد يقتل ما لم يسلم واختار جماعة من ائمة مذهب احمد ان سابه عليه السلام يقتل بكل حال منهم الشيخ تقى الدين بن تميية وقال هو الصحيح من المذهب وحكم من سب سائر انبياء الله وملائكته حكم من سبب نبينا عليه السلام.
واما من سب الله تعالى والعياذ بالله من المسلمين بغير الارتداد عن الاسلام ومن الكفار بغير ما كفروا به من معتقدهم فى عزير والمسيح ونحو ذلك فحكمه حكم من سب النبى صلى الله عليه وسلم نسأل الله العصمة والهداية ونعوذ به من السهو والزلل والغواية انه الحافظ الرقيب