التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ
٥٩
-النمل

حاشية الصاوي

قوله: { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } لما تمم سبحانه وتعالى القصص، أمر رسوله بحمده والسلام على المصطفين، شكراً له على نصرة أهل الحق والإيمان، وقطع دابر أهل الكفر والطغيان، وتمهيداً لما يذكر في أدلة التوحيد التي أقامها رداً على المشركين، والسر في ذلك، إنصات العاقل وإصغاؤه ليدخل في زمرة من سلم الله عليهم.
قوله: { وَسَلاَمٌ } أي أمان. قوله: { ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } قيل هم الأنبياء والرسل، وقيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل مؤمنو هذه الأمة، وقيل كان مؤمن من مبدإ الدنيا إلى منتهاها، ومعنى اصطفى اختارهم أزلاً لخدمته وطاعته في الدنيا، ولجنته ونعيمه في الآخرة، فالأصل اصطفاه الله للعبد، فلولا اصطفاءه له، ما وفق العبد لخدمة ربه، ومن هذا قولهم: لولا السابقة ما كانت اللاحقة. قوله: (بتحقيق الهمزتين) الخ، ظاهر المفسر أن القراءات أربعٍ وهو سبق قلم، والصواب أن هنا قراءتين فقط، تسهيل الثانية مقصورة، وإبدالها ألفاً ممدودة مداً لازماً، وتقدم أن هذين الوجهين يجريان في خمسة مواضع في القرآن غير هذا، اثنان في الأنعام
{ ءَآلذَّكَرَيْنِ } [الأنعام: 143، 144] في الموضعين، وثلاثة في يونس { ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ } [يونس: 59] { آلآنَ } [يونس: 91] في الموضعين.
قوله: { خَيْرٌ } خبر لفظ الجلالة،، وهو إما اسم تفضيل باعتبارهم زعم الكفار، أو صفة لا تفضيل فيها، والكلام على حذف مضاف، والتقدير أتوحيد الله خير لمن عبده، أم الأصنام خير لمن عبدها، فهو تهكم بالمشركين، لأنهم اختاروا عبادة الأصنام على عبادة الله، والاختيار للشيء لا يكون إلا لخير ومنفعة، ولا خير في عبادتها. وكان صلى الله عليه وسلم إذا قرأها يقول:
"بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم" . قوله: { أَمَّا يُشْرِكُونَ } أم هذه متصلة عاطفة على لفظ الجلالة لوجود المعادل، وهو تقدم همزة الاستفهام بخلاف أم الآتية، فهي منقطعة تفسر ببل وهمزة الاستفهام إنكاري. قوله: (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (أي أهل مكة) تفسير للواو في يشركون. قوله: (أي الآلهة) تفسير لما، والمعنى أم الآلهة التي يشركونها به خير لعابديها.