التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ
٦
-النازعات

الدر المصون

قوله: { يَوْمَ تَرْجُفُ }: منصوبٌ بفعلٍ مقدَّرٍ، هو جوابُ القسم تقديره: لَتْبُعَثُنَّ، لدلالةِ ما بعدَه عليه، قال الزمخشري: "فإنْ قلتَ: كيف جَعَلْتَ "يومَ تَرْجُفُ" ظرفاً للمُضْمرِ الذي هو لَتُبْعَثُنَّ، ولا يُبْعَثُون عند النَّفْخَةِ الأولى؟ قلت: المعنى: لتُبْعَثُنَّ في الوقتِ الواسعِ الذي تقع فيه النَّفْختان، وهم يُبْعَثُون في بعض ذلك الوقتِ الواسعِ، وهو وقتُ النَّفْخَةِ الأخرى، ودلَّ على ذلك أنَّ قولَه: "تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ" جُعِل حالاً عن "الراجفة". وقيل: العاملُ مقدَّرٌ غيرُ جوابٍ، أي: اذكُرْ يومَ تَرْجُفُ. وفي الجوابِ على هذا أوجهٌ، أحدُها: أنَّه قولُه: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً } [النازعات: 26]. واستقبحه أبو بكر بن الأنباريِّ لطولِ الفَصْل. الثاني: أنه قولُه: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } [النازعات: 15] لأنَّ "هل" بمعنى "قد". وهذا غَلَطٌ؛ لأنَّه كما قدَّمْتُ لك في { هَلْ أَتَىٰ } [الإنسان: 1] أنها لا تكونُ بمعنى "قد"، إلاَّ في الاستفهام، على ما قال الزمخشري. الثالث: أنَّ الجواب { تَتْبَعُهَا } [النازعات: 7] وإنما حُذِفَتِ اللامُ، والأصلُ: لَيَوْمَ تَرْجُفُ الراجفةُ تَتْبَعُها، فحُذِفَتِ اللامُ، ولم تَدْخُلْ نونُ التوكيدِ على "تَتْبَعُها" للفَصْلِ بين اللامِ المقدَّرَةِ وبين الفعلِ المُقْسَمِ عليه بالظرفِ. ومثلُه { لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ } [آل عمران: 158]. وقيل: في الكلامِ تقديمٌ وتأخيرٌ، أي: يومَ تَرْجُفُ الراجِفَةُ تَتْبَعُها الرادِفَةُ والنازعاتِ.
وقال أبو حاتم: "هو على التقديم والتأخيرِ كأنه قال: فإذا هُمْ بالسَّاهِرَةِ والنَّازعاتِ". قال ابن الأنباري: "هذا خطأٌ؛ لأنَّ الفاءَ لا يُفْتَتَحُ بها الكلامُ". وقيل: "يومَ" منصوبٌ بما دَلَّ عليه "واجِفَةٌ"، أي: يومَ تَرْجُفُ وَجِفَت. وقيل: بما دَلَّ عليه خاشع، أي: يومَ تَرْجُفُ خَشَعَتْ.