التفاسير

< >
عرض

لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ
٦
-الكافرون

أضواء البيان في تفسير القرآن

هو نظير ما تقدم في سورة يونس { { أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [يونس: 41].
وكقوله:
{ { وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } [البقرة: 139].
وليس في هذا تقريرهم على دينهم الذي هم عليه، ولكن من قبيل التهديد والوعيد كقوله:
{ { وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } [الكهف: 29].
وفي هذه السورة قوله:
{ { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } [الكافرون: 1] وصف يكفي بأن عبادتهم وديانتهم كفر.
وقد قال لهم الحق
{ { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } [الكافرون: 2]، لأنها عبادة باطلة. عبادة الكفار، وبعد ذلك إن أبيتم إلا هي، فلكم دينكم ولي دين.
تنبيه
في هذه السورة منهج إصلاحي، وهو عدم قبول ولا صلاحية أنصاف الحلول، لأن ما عرضوه عليه صلى الله عليه وسلم من المشاركة في العبادة، يعتبر في مقياس المنطق حلاً وسطاً لاحتمال إصابة الحق في أحد الجانبين، فجاء الرد حاسماً وزاجراً وبشدة، لأن فيه أي فيما عرضوه مساواة للباطل بالحق، وفيه تعليق المشكلة، وفيه تقرير الباطل، إن هو وافقهم ولو لحظة.
وقد تعتبر هذه السورة مميزة وفاصلة بين الطرفين، ونهاية المهادنة، وبداية المجابهة.
وقد قالوا: إن ذلك بناء على ما أمره الله به في السورة قبلها
{ { إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } [الكوثر: 1]، أي وإن كنت وصحبك قلة، فإن معك الخير الكثير، ولمجيء قل لما فيها من إشعار بأنك مبلغ عن الله، وهو الذي ينصرك، ولذا جاء بعدها حالاً سورة النصر وبعد النصر: تبُّ العدو.
وهذا في غاية الوضوح، ولله الحمد.