التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا ٱسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمُ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٦٢
-النور

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ }؛ في الآية ثَنَاءٌ على المؤمنين، وإذا كانُوا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في أمرٍ جامع؛ أي في أمرِ طاعةٍ يجتمعون عليه لِحَقِّ الْجُمُعَةِ وصلاةِ العيدين والْجِهَادِ وأشباهِ ذلكَ، { لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ }.
قال المفسِّرون: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا صَعَدَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَأرَادَ الرَّجُلُ أنْ يَخْرُجَ لِطَاعَةٍ أوْ عُذْرٍ؛ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يَقُومَ بحِيَالِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ يَرَاهُ، فَيَعْرِفَ أنَّهُ إنَّمَا قَامَ لِيَسْتَأْذنَ، فَيَأْذِنُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ. قال مجاهدُ: (وَإذا أذِنَ الإمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أنْ يُشِيْرَ بيَدِهِ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ }؛ نزلَتْ في عمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه حِيْنَ اسْتَأْذنَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّجُوعِ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ إلَى الْمَدِيْنَةِ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَإِذَا ٱسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ }؛ قِيْلَ: إنَّ هذا منسوخٌ بقوله تعالى
{ { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } [التوبة: 43]، قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمُ ٱللَّهَ }؛ أي استغفِرْ لِهؤلاء المستأذِنين إذا استأذنوكَ لعُذرِهم، { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ }؛ للنَّاسِ، { رَّحِيمٌ }؛ بهم.