قوله عز وجل: { بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمرَةٍ مِّنْ هذا } فيه وجهان:
أحدهما: في غطاء، قاله ابن قتيبة.
والثاني: في غفلة قاله قتادة.
{ مِنْ هذا } فيه وجهان:
أحدهما: من هذا القرآن، وهو قول مجاهد.
الثاني: من هذا الحق، وهو قول قتادة.
{ وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } فيه وجهان:
أحدهما: خطايا [يعملونها] من دون الحق، وهو قول قتادة.
الثاني: أعمال [رديئة] لم يعملوها وسيعملونها، حكاه يحيى ابن سلام.
ويحتمل وجهاً ثالثاً: أنه ظلم المخلوقين مع الكفر بالخالق.
قوله عز وجل: { حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْغَذَابِ } فيهم وجهان:
أحدهما: أنهم الموسع عليهم بالخصب، قاله ابن قتيبة.
والثاني: بالمال والولد، قاله الكلبي، فعلى الأول يكون عامّاً وعلى الثاني
يكون خاصاً.
{ إذَا هُم يَجْأَرُونَ } فيه أربعة تأويلات:
أحدها: يجزعون، وهو قول قتادة.
الثاني: يستغيثون، وهوقول ابن عباس.
والثالث: يصيحون، وهو قول علي بن عيسى.
والرابع: يصرخون إلى الله تعالى بالتوبة، فلا تقبل منهم، وهو قول
الحسن. قال قتادة نزلت هذه الآية في قتلى بدر، وقال ابن جريج { حَتَّى إِذَا أَخذْنَا
مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ } هم الذين قتلواْ ببدر.
قوله عز وجل: { وَكُنتُم عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: تستأخرون، وهو قول مجاهد.
والثاني: تكذبون.
والثالث: رجوع القهقرى. ومنه قول الشاعر:
زعموا أنهم على سبل الحق وأنا نكص على الأعقاب
وهو أي النكوص، موسع هنا ومعناه ترك القبول.
{ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } أي بحرمة الله، ألا يظهر عليهم فيه أحد، وهو قول ابن
عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة.
ويحتمل وجهاً آخر: مستكبرين بمحمد أن يطيعوه، وبالقرآن أن يقبلوه.
{ سَامِراً تَهْجُرونَ } سامر فاعل من السمر. وفي السمر قولان:
أحدهما: أنه الحديث ليلاً، قاله الكلبي، وقيل به: سمراً تهجرون.
والثاني: أنه ظل القمر، حكاه ابن عيسى، والعرب تقول حلف بالسمر
والقمر أي بالظلمة والضياء، لأنهم يسمرون في ظلمة الليل وضوء القمر، والعرب
تقول أيضاً: لا أكلمه السمر والقمر، أي الليل والنهار، وقال الزجاج ومن السمر
أخذت سمرة اللون. وفي { تَهْجُرُونَ } وجهان:
أحدهما: تهجرون الحق بالإِعراض عنه، قاله ابن عباس.
والثاني: تهجرون في القول بالقبيح من الكلام، قاله ابن جبير، ومجاهد.
وقرأ نافع { تُهْجِرُونَ } بضم التاء وكسر الجيم وهو من هجر القول. وفي
مخرج هذا الكلام قولان:
أحدهما: إنكار تسامرهم بالإِزراء على الحق مع ظهوره لهم.
الثاني: إنكاراً منهم حتى تسامروا في ليلهم والخوف أحق بهم.