لما تجهز أولاد يعقوب للمسير إلى مصر خاف عليهم أبوهم أن تصيبهم العين؛ لكونهم كانوا ذوي جمال ظاهر، وثياب حسنة مع كونهم أولاد رجل واحد، فنهاهم أن يدخلوا مجتمعين من باب واحد، لأن في ذلك مظنة لإصابة الأعين لهم، وأمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة، ولم يكتف بقوله: { لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ } عن قوله: { وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرّقَةٍ } لأنهم لو دخلوا من بابين مثلاً كانوا قد امتثلوا النهي عن الدخول من باب واحد، ولكنه لما كان في الدخول من بابين مثلاً نوع اجتماع يخشى معه أن تصيبهم العين، أمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرّقة، قيل: وكانت أبواب مصر أربعة.
وقد أنكر بعض المعتزلة كأبي هاشم، والبلخي، أن للعين تأثيراً، وقالا: لا يمتنع أن صاحب العين إذا شاهد الشيء وأعجب به كانت المصلحة له في تكليفه أن يغير الله ذلك الشيء حتى لا يبقى قلب ذلك المكلف معلقاً به. وليس هذا بمستنكر من هذين وأتباعهما، فقد صار دفع أدلة الكتاب والسنّة بمجرد الاستبعادات العقلية دأبهم وديدنهم، وأيّ مانع من إصابة العين بتقدير الله سبحانه لذلك؟
وقد وردت الأحاديث الصحيحة بأن العين حقّ، وأصيب بها جماعة في عصر النبوّة، ومنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأعجب من إنكار هؤلاء لما وردت به نصوص هذه الشريعة ما يقع من بعضهم من الإزراء على من يعمل بالدليل المخالف لمجرد الاستبعاد العقلي والتنطع في العبارات كالزمخشري في تفسيره، فإنه في كثير من المواطن لا يقف على دفع دليل الشرع بالاستبعاد الذي يدّعيه على العقل حتى يضمّ إلى ذلك الوقاحة في العبارة على وجه يوقع المقصرين في الأقوال الباطلة، والمذاهب الزائفة، وبالجملة فقول هؤلاء مدفوع بالأدلة المتكاثرة وإجماع من يعتدّ به من هذه الأمة سلفاً وخلفاً، وبما هو مشاهد في الوجود، فكم من شخص من هذا النوع الإنساني وغيره من أنواع الحيوان هلك بهذا السبب.
وقد اختلف العلماء فيمن عرف بالإصابة بالعين، فقال قوم: يمنع من الاتصال بالناس دفعاً لضرره بحبس أو غيره من لزوم بيته. وقيل: ينفي، وأبعد من قال إنه يقتل، إلاّ إذا كان يتعمد ذلك، وتتوقف إصابته على اختياره وقصده ولم ينزجر عن ذلك، فإنه إذا قتل كان له حكم القاتل.
ثم قال يعقوب لأولاده { وَمَا أُغْنِى عَنكُمْ مّنَ ٱللَّهِ مِن شَىْء } أي: لا أدفع عنكم ضرراً ولا أجلب إليكم نفعاً بتدبيري هذا، بل ما قضاه الله عليكم فهو واقع لا محالة. قال الزجاج وابن الأنباري: لو سبق في علم الله أن العين تهلكهم مع الاجتماع لكان تفرّقهم كاجتماعهم. وقال آخرون: ما كان يغني عنهم يعقوب شيئاً قط، حيث أصابهم ما أصابهم مع تفرقهم من إضافة السرقة إليهم، ثم صرح يعقوب بأنه لا حكم إلا لله سبحانه فقال: { إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ لله } لا لغيره ولا يشاركه فيه مشارك في ذلك { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } في كل إيراد وإصدار لا على غيره أي: اعتمدت ووثقت { وَعَلَيْهِ } لا على غيره { فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكّلُونَ } على العموم، ويدخل فيه أولاده دخولاً أوّلياً.
{ وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم } أي: من الأبواب المتفرقة ولم يجتمعوا داخلين من باب واحد. وجواب لما { مَّا كَانَ يُغْنِى عَنْهُمْ } ذلك الدخول { مِنَ ٱللَّهِ } أي: من جهته { مِن شَىْء } من الأشياء مما قدّره الله عليهم لأن الحذر لا يدفع القدر، والاستثناء بقوله: { إِلاَّ حَاجَةً فِى نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا } منقطع، والمعنى: ولكن حاجة كانت في نفس يعقوب، وهي شفقته عليهم، ومحبته لسلامتهم، قضاها يعقوب، أي: أظهرها لهم، ووصاهم بها غير معتقد أن للتدبير الذي دبره لهم تأثيراً في دفع ما قضاه الله عليهم. وقيل: إنه خطر ببال يعقوب أن الملك إذا رآهم مجتمعين مع ما يظهر فيهم من كمال الخلقة، وسيما الشجاعة أوقع بهم حسداً وحقداً أو خوفاً منهم، فأمرهم بالتفرّق لهذه العلة. وقد اختار هذا النحاس وقال: لا معنى للعين ها هنا. وفيه أن هذا لو كان هو السبب لأمرهم بالتفرّق، ولم يخصّ النهي عن ذلك بالاجتماع عند الدخول من باب واحد؛ لأن هذا الحسد أو الخوف يحصل باجتماعهم داخل المدينة، كما يحصل باجتماعهم عند الدخول من باب واحد. وقيل: إن الفاعل في { قضاها } ضمير يعود إلى الدخول لا إلى يعقوب. والمعنى: ما كان الدخول يغني عنهم من جهة الله شيئاً، ولكنه قضى ذلك الدخول حاجة في نفس يعقوب لوقوعه حسب إرادته { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلَّمْنَاهُ } أي: وإن يعقوب لصاحب علم لأجل تعليم الله إياه بما أوحاه الله من أن الحذر لا يدفع القدر، وأن ما قضاه الله سبحانه فهو كائن لا محالة. { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } بذلك كما ينبغي. وقيل: لا يعلمون أن الحذر مندوب إليه، وإن كان لا يغني من القدر شيئاً، والسياق يدفعه. وقيل: المراد بأكثر الناس المشركون.
{ وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ أوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ } أي: ضمّ إليه أخاه بنيامين، قيل: إنه أمر بإنزال كل اثنين في منزل فبقي أخوه منفرداً فضمه إليه و { قَالَ إِنّى أَنَاْ أَخُوكَ } يوسف، قال له ذلك سرّاً، من دون أن يطلع عليه إخوته { فَلاَ تَبْتَئِسْ } أي: فلا تحزن { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي: إخوتك من الأعمال الماضية التي عملوها؛ وقيل: إنه لم يخبره بأنه يوسف، بل قال له: إني أخوك مكان أخيك يوسف فلا تحزن بما كنت تلقاه منهم من الجفاء حسداً وبغياً. وقيل: إنه أخبره بما سيدبره معهم من جعل السقاية في رحله. فقال: لا أبالي، وقيل: إنه لما أخبر يوسف أخاه بنيامين بأنه أخوه قال: لا تردّني إليهم، فقال قد علمت اغتمام أبينا يعقوب، فإذا حبستك عندي ازداد غمه، فأتى بنيامين فقال له يوسف: لا يمكن حبسك عندي إلاّ بأن أنسبك إلى ما لا يجمل بك، فقال: لا أبالي، فدس الصاع في رحله، وهو المراد بالسقاية وأصلها المشربة التي يشرب بها جعلت صاعاً يكال به. وقيل: كان تسقى بها الدوابّ ويكال بها الحبّ، وقيل: كانت من فضة. وقيل: كانت من ذهب، وقيل غير ذلك. وقد تقدم تفسير الجهاز والرحل، والمعنى: أنه جعل السقاية التي هو الصواع في رحل أخيه الذي هو الوعاء الذي يجعل فيه ما يشتريه من الطعام من مصر { ثُمَّ } بعد ذلك { أَذَّنَ مُؤَذّنٌ } أي: نادى منادٍ قائلاً { أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ } قال الزجاج: معناه يا أصحاب العير، وكل ما امتير عليه من الإبل والحمير والبغال فهو عير. وقيل: هي قافلة الحمير. وقال أبو عبيدة: العير الإبل المرحولة المركوبة { إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } نسبة السرق إليهم على حقيقتها؛ لأن المنادي غير عالم بما دبره يوسف. وقيل: إن المعنى إن حالكم حال السارقين كون الصواع صار لديكم من غير رضا من الملك.
{ قَالُواْ } أي: إخوة يوسف { وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ } أي حال كونهم مقبلين على من نادى منهم المنادي من أصحاب الملك { مَّاذَا تَفْقِدُونَ } أي: ما الذي فقدتموه؟ يقال: فقدت الشيء: إذا عدمته بضياع أونحوه، فكأنهم قالوا ماذا ضاع عليكم؟ وصيغة المستقبل لاستحضار الصورة { قَالُواْ } في جوابهم { نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ }. قرأ يحيـى بن يعمر "صواغ" بالغين المعجمة، وقرأ أبو رجاء "صُوع" بضم الصاد المهملة وسكون الواو بعدها عين مهملة. وقرأ أبيّ "صياع". وقرأ أبو جعفر: "صاع"، وبها قرأ أبو هريرة، وقرأ الجمهور: { صواع } بالصاد والعين المهملتين، قال الزجاج: الصواع: هو الصاع بعينه، وهو يذكر ويؤنث، وهو السقاية، ومنه قول الشاعر:
نشرب الخمر بالصواع جهارا
{ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } أي قالوا: ولمن جاء بالصواع من جهة نفسه حمل بعير. والبعير: الجمل، وفي لغة بعض العرب أنه الحمار، والمراد بالحمل ها هنا: ما يحمله البعير من الطعام، ثم قال المنادي { وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } أي: بحمل البعير الذي جعل لمن جاء بالصواع قبل التفتيش للأوعية، والزعيم هو الكفيل، ولعل القائل: { نفقد صواع الملك } هو المنادي، وإنما نسب القول إلى الجماعة لكونه واحداً منهم، ثم رجع الكلام إلى نسبة القول إلى المنادي وحده، لأنه القائل بالحقيقة.
{ قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِى ٱلأَرْضِ } التاء بدل من واو القسم عند الجمهور. وقيل: من الباء، وقيل: أصل بنفسها، ولا تدخل إلاّ على هذا الاسم الشريف دون سائر أسمائه سبحانه، وقد دخلت نادراً على الرب، وعلى الرحمٰن، والكلام على هذا مستوفي في علم الإعراب، وجعلوا المقسم عليه هو علم يوسف وأصحابه بنزاهة جانبهم، وطهارة ذيلهم، عن التلوّث بقذر الفساد في الأرض، الذي من أعظم أنواعه السرقة. لأنهم قد شاهدوا منهم في قدومهم عليه المرّة الأولى، وهذه المرّة من التعفف والزهد عما هو دون السرقة، بمراحل ما يستفاد منه العلم الجازم بأنهم ليسوا بمن يتجارأ على هذا النوع العظيم من أنواع الفساد، ولو لم يكن من ذلك إلاّ ردّهم لبضاعتهم التي وجدوها في رحالهم، والمراد بالأرض هنا: أرض مصر. ثم أكدوا هذه الجملة التي أقسموا بالله عليها بقولهم: { وَمَا كُنَّا سَـٰرِقِينَ } لزيادة التبرّي مما قذفوهم به والتنزه عن هذه النقيصة الخسيسة والرذيلة الشنعاء.
{ قَالُواْ فَمَا جَزَاؤُهُ إِن كُنتُمْ كَـٰذِبِينَ } هذه الجملة مستأنفة كما تقدّم غير مرّة في نظائرها. والقائلون: هم أصحاب يوسف، أو المنادي منهم وحده كما مرّ، والضمير في { جزاؤه } للصواع على حذف مضاف أي: فما جزاء سرقة الصواع عندكم، أو الضمير للسارق، أي: فما جزاء سارق الصواع عندكم { إِن كُنتُمْ كَـٰذِبِينَ } فيما تدّعونه لأنفسكم من البراءة عن السرقة، وذلك بأن يوجد الصواع معكم، فأجاب أخوة يوسف وقالوا: { جَزاؤُهُ مَن وُجِدَ فِى رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ } أي: جزاء سرقة الصواع، أو جزاء سارق الصواع. وجزاؤه مبتدأ، والجملة الشرطية: وهي { من وجد في رحله فهو جزاؤه } خبر المبتدأ، على إقامة الظاهر مقام المضمر فيها، والأصل جزاؤه من وجد في رحله فهو، فيكون الضمير الثاني عائداً إلى المبتدأ، والأوّل إلى "من"، ويجوز أن يكون خبر المبتدأ: و{ من وجد في رحله } والتقدير: جزاء السرقة للصواع أخذ من وجد في رحله، وتكون جملة { فهو جزاؤه } لتأكيد الجملة الأولى، وتقريرها. قال الزجاج: وقوله: { فَهُوَ جَزَاؤُهُ } زيادة في البيان أي: جزاؤه أخذ السارق فهو جزاؤه لا غير. قال المفسرون: وكان حكم السارق في آل يعقوب أن يسترقّ سنة، فلذلك استفتوهم في جزائه { كَذٰلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي: مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الظالمين لغيرهم من الناس بسرقة أمتعتهم، وهذه الجملة مؤكدة لما قبلها إذا كانت من كلام إخوة يوسف، ويجوز أن تكون من كلام أصحاب يوسف، أي: كذلك نحن نجزي الظالمين بالرق. ثم لما ذكروا جزاء السارق أرادوا أن يفتشوا أمتعتهم حتى يتبين الأمر، فأقبل يوسف على ذلك، فبدأ بتفتيش { أوعيتهم } أي: أوعية الإخوة العشرة { قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ } أي: قبل تفتيشه لوعاء أخيه بنيامين دفعاً للتهمة ورفعاً لما دبره من الحيلة { ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا } أي: السقاية أو الصواع؛ لأنه يذكر ويؤنث { كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ } أي: مثل ذلك الكيد العجيب كدنا ليوسف يعني: علمناه إياه أوحيناه إليه، والكيد مبدؤه السعي في الحيلة والخديعة، ونهايته إلقاء المخدوع من حيث لا يشعر في أمر مكروه لا سبيل إلى دفعه، وهو محمول في حق الله سبحانه على النهاية لا على البداية، قال القتيبي: معنى { كدنا } دبرنا، وقال ابن الأنباري: أردنا. وفي الآية دليل على جواز التوصل إلى الأغراض الصحيحة بما صورته صورة الحيلة والمكيدة إذا لم يخالف ذلك شرعاً ثابتاً.
{ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ ٱلْمَلِكِ } أي: ما كان يوسف ليأخذ أخاه بنيامين في دين الملك، أي: ملك مصر، وفي شريعته التي كان عليها، بل كان دينه وقضاؤه أن يضرب السارق ويغرم ضعف ما سرقه دون الاستعباد سنة، كما هو دين يعقوب وشريعته، وحاصله أن يوسف ما كان يتمكن من إجراء حكم يعقوب على أخيه مع كونه مخالفاً لدين الملك وشريعته لولا ما كاد الله له ودبره وأراده حتى وجد السبيل إليه، وهو ما أجراه على ألسن إخوته من قولهم: إن جزاء السارق الاسترقاق، فكان قولهم هذا هو بمشيئة الله وتدبيره، وهو معنى قوله: { إِلاَّ أَن يَشَاء ٱللَّهُ } أي: إلا حال مشيئته وإذنه بذلك وإرادته له، وهذه الجملة: أعني { ما كان ليأخذ أخاه } إلخ، تعليل لما صنعه الله من الكيد ليوسف، أو تفسير له { نَرْفَعُ دَرَجَـٰتٍ مَّن نَّشَاء } بضروب العلوم والمعارف والعطايا والكرامات كما رفعنا درجة يوسف بذلك { وَفَوْقَ كُلّ ذِى عِلْمٍ } ممن رفعه الله بالعلم { عَلِيمٌ } أرفع رتبة منهم وأعلى درجة لا يبلغون مداه، ولا يرتقون شأوه. وقيل: معنى ذلك أن فوق كل أهل العلم عليم وهو الله سبحانه.
وقد أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: { وَقَالَ يا بَنِى لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ } قال: رهب يعقوب عليهم العين. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن محمد بن كعب قال: خشي عليهم العين. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وأبو الشيخ عن النخعي في قوله: { وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرّقَةٍ } قال: أحب يعقوب أن يلقى يوسف أخاه في خلوة. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: { إِلاَّ حَاجَةً فِى نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا } قال: خيفة العين على بنيه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلَّمْنَاهُ } قال: إنه لعامل بما علم، ومن لا يعمل لا يكون عالماً. وأخرج هؤلاء عنه في قوله: { آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ } قال: ضمه إليه، وفي قوله: { فَلاَ تَبْتَئِسْ } قال: لا تحزن ولا تيأس، وفي قوله: { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } قال: قضى حاجتهم، وكال لهم طعامهم، وفي قوله: { جَعَلَ ٱلسّقَايَةَ } قال: هو إناء الملك الذي يشرب منه { فِى رَحْلِ أَخِيهِ } قال: في متاع أخيه. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس في قوله: { جَعَلَ ٱلسّقَايَةَ } قال: هو الصواع، وكل شيء يشرب منه فهو صواع. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد نحوه.
وأخرج ابن جرير، ابن أبي حاتم عن ابن زيد نحوه أيضاً. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: { أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ } قال: كانت العير حميراً. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه في قوله: { وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } قال: حمل حمار طعام، وهي لغة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: { وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } يقول: كفيل. وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، والضحاك مثله.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله: { مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِى ٱلاْرْضِ } يقول: ما جئنا لنعصي في الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: { فَمَا جَزَاؤُهُ } قال: عرفوا الحكم في حكمهم فقالوا: من وجد في رحله فهو جزاؤه. وكان الحكم عند الأنبياء يعقوب وبنيه أن يؤخذ السارق بسرقته عبداً يسترقّ. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: { فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ } قال: ذكر لنا أنه كان كلما فتح متاع رجل استغفر تأثماً مما صنع حتى بقي متاع الغلام قال: ما أظن أن هذا أخذ شيئاً. قالوا: بلى فاستبره.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: { كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ } قال: كذلك صنعنا ليوسف { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ ٱلْمَلِكِ } يقول: في سلطان الملك. قال: كان في دين ملكهم أنه من سرق أخذت منه السرقة ومثلها معها من ماله فيعطيه المسروق. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ ٱلْمَلِكِ } يقول: في سلطان الملك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: { إِلاَّ أَن يَشَاء ٱللَّهُ } قال: إلا بعلة كادها الله ليوسف فاعتلّ بها. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عنه في قوله: { نَرْفَعُ دَرَجَـٰتٍ مَّن نَّشَاء } قال: يوسف وإخوته أوتوا علماً فرفعنا يوسف في العلم فوقهم درجة. وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: كنا عند ابن عباس فحدث بحديث، فقال رجل عنده: { وَفَوْقَ كُلّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ } فقال ابن عباس: بئس ما قلت. الله العليم الخبير، وهو فوق كل عالم. وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب قال: سأل رجل علياً عن مسألة، فقال فيها، فقال الرجل ليس هكذا ولكن كذا وكذا، قال عليّ: أصبت وأخطأت { وَفَوْقَ كُلّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ }. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الأسماء والصفات عن عكرمة في قوله: { وَفَوْقَ كُلّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } قال: علم الله فوق كل عالم.