التفاسير

< >
عرض

وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
٧
-النحل

قرىء: «بشق الأنفس»، بكسر الشين وفتحها. وقيل: هما لغتان في معنى المشقة، وبينهما فرق: وهي أن المفتوح مصدر شق الأمر عليه شقا، وحقيقته راجعة إلى الشق الذي هو الصدع. وأما الشق فالنصف، كأنه يذهب نصف قوته لما يناله من الجهد. فإن قلت: ما معنى قوله: { لَّمْ تَكُونُواْ بَـٰلِغِيهِ } كأنهم كانوا زماناً يتحملون المشاق في بلوغه حتى حملت الإبل أثقالهم. قلت: معناه وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه في التقدير لو لم تخلق الإبل إلا بجهد أنفسكم، لا أنهم لم يكونوا بالغيه في الحقيقة. فإن قلت: كيف طابق قوله: { لَّمْ تَكُونُواْ بَـٰلِغِيهِ } قوله: { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ } وهلا قيل: لم تكونوا حامليها إليه؟ قلت: طباقه من حيث أن معناه: وتحمل أثقالكم إلى بلد بعيد قد علمتم أنكم لا تبلغونه بأنفسكم إلا بجهد ومشقة، فضلاً أن تحملوا على ظهوركم أثقالكم. ويجوز أن يكون المعنى: لم تكونوا بالغيه بها إلا بشق الأنفس. وقيل: أثقالكم أجرامكم. وعن عكرمة البلد مكة { لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } حيث رحمكم بخلق هذه الحوامل وتيسير هذه المصالح.