قوله عز وجل { يَآ أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ } أما جهاد الكفار
فبالسيف وأما جهاد المنافقين ففيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: جهادهم بيده، فإن لم يستطع فبلسانه وقلبه، فإن لم يستطع
فليكفهر في وجوههم، قاله ابن مسعود.
والثاني: جهادهم باللسان، وجهاد الكفار بالسيف، قاله ابن عباس.
والثالث: أن جهاد الكفار بالسيف، وجهاد المنافقين بإقامة الحدود عليهم، قاله
الحسن وقتادة. وكانوا أكثر من يصيب الحدود.
{ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمُ } يحتمل وجهين:
أحدهما: تعجيل الانتقام منهم.
والثاني: ألا يصدق لهم قولاً، ولا يبر لهم قسماً.
قوله عز وجل { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ } فيهم ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه الجلاس بن سويد بن الصامت، قال: إن كان ما جاء به محمد حقاً
فنحن شر من الحمير، ثم حلف أنه ما قال، وهذا قول عروة ومجاهد وابن إسحاق.
والثاني: أنه عبد الله بن أبي بن سلول. قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن
الأعز منها الأذل، قاله قتادة.
والثالث: أنهم جماعة من المنافقين قالوا ذلك، قاله الحسن.
{ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ } يعني ما أنكروه مما قدمنا ذكره تحقيقاً لتكذيبهم فيما
أنكروه وقيل بل هو قولهم إن محمداً ليس بنبي.
{ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إسلامهم } يحتمل وجهين:
أحدهما: كفروا بقلوبهم بعد أن آمنوا بأفواههم.
والثاني: جرى عليهم حكم الكفر بعد أن جرى عليهم حكم الإيمان.
{ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن المنافقين هموا بقتل الذي أنكر عليهم، قاله مجاهد.
والثاني: أنهم هموا بما قالوه { لَئِن رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينةِ ليُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنهَا
الأَذَلَّ } وهذا قول قتادة.
والثالث: أنهم هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مروي عن مجاهد أيضاً وقيل إنه
كان ذلك في غزوة تبوك.