التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً
٨
-المزمل

الدر المصون

قوله: { تَبْتِيلاً }:مصدرٌ على غير الصدرِ وهو واقعٌ موقعَ التَّبَتُّل؛ لأنَّ مصدرَ تَفَعَّل نحو: تَصَرَّفَ تَصَرُّفاً، وتكرَّمَّ تكرُّماً. وأمَّا التفعيلُ فمصدرُ فَعَّل نحو: صَرَّف تَصْرِيفاً. ومثلُه قولُ الشاعر:

4367ـ وقد تَطَوَّيْتُ انْطِواءَ الحِضْبِ

فأوقعَ الانفعالَ مَوْقِعَ التَّفَعُّل. قال الزمخشري: "لأنَّ معنى تَبَتَّل: "بَتَّلَ نفسَه، فجيْءَ به على معناه مراعاةً لحَقِّ الفواصِل". والتبتُّل: الانقطاعُ. ومنه "امرأة بتولٌ"، أي: انقطَعَتْ عن النِّكاحِ، وبَتَلْتُ الحَبْلَ: قَطَعْتُه. قال الليث: البَتْلُ: تمييزُ الشيءِ من الشيءِ. وقالوا: "طَلْقَةٌ بَتْلَةٌ"، و "هِبَةٌ بَتْلَةٌ" يعنونَ انقطاعها عن صاحبِها، فالتبتيلُ تَرْكُ النِّكاحِ، والزهدُ فيه. والمرادُ به في الآيةِ الكريمة الانقطاعُ إلى عبادةِ اللهِ تعالى دونَ تَرْكِ النكاحِ، وفي الحديث: "أنَّه نَهَى عن التبتُّل" ، أي: الانقطاع عن النِّكاح، ومنه سُمِّي الراهبُ "مُتَبتِّلاً" لانقطاعِه عن النكاحِ. قال امرؤ القيس:

4368ـ تُضِيْءُ الظلامَ بالعَشِيِّ كأنَّها منارةُ مُمْسَى راهِبٍ مُتَبَتِّلِ