التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ
٨
-التكاثر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } الرطب والماء البارد كذا قيل قال ابن هشام في المسائل التي سئل عنها في السفر مسألة { ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } هل ما يقوله بعض الناس من أن المراد بالنعيم الماء البارد منقول في كتب التفسير، الجواب إن النعيم أعم من ذلك والماء البارد من جملته وفي الحديث "أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له ألم أصح جسمك وأروك من الماء البارد" رواه الترمذي في سننه انتهى.
فأفاد أن النعيم ما يلتذ به من الصحة والفراغ والأمن والمطعم والمشرب وكل منفعة قال الله
"يا ابن آدم طعام يقوتك وثوب يواريك وبيت يكنك وما سوى ذلك حاسبتك به" وقيل النعيم الذي يسأل عنه النعيم الذي عكفت الهمة عليه وقصرت على التلذذ به وعلى الحياة مع أكل الطيب ولبس اللين وقطع الأوقات باللهو والطرب لا يعبأ بالعلم والعمل فأما من اتقى الله فما جعلت النعم إلا له ولا عقاب عليه فإن سئل فما هو إلا سؤال منة وتحبب وإليه أشار صلى الله عليه وسلم حيث أكل هو وأصحابه تمرا وشربوا عليه ماء فقال "الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين" .
وفي الآية إشارة إلى أن ذلك النعيم المسؤول عنه هو الذي ألهى عن الطاعة فالخطاب لمن ألهاه النعيم { { قل من حرم زينة الله } } { { كلوا من الطيبات } وإن عممنا الخطاب فسؤال المؤمن سؤال شكر وزعم بعض أن الخطاب مخصوص بالكفار.
وعن الحسن وقتادة ثلاث لا يسأل الله عنهن ابن آدم وما عداهن فيه الحساب والسؤال إلا ما شاء الله كسوة يواري به سوؤته وكسرة يشد بها صلبه وبيت يكنه من الحر والبرد، وعنه صلى الله عليه وسلم
"يحاسب الله العبد على ما عدا هذه الثلاثة وما عدا ماء يشربه" ، ولعل المراد سؤال ذكر التفضل لا عقاب أو نقص ثواب ولعل الذي ينقص الثواب الأكل لمجرد التلذذ بل قيل إذا أكل تلذذا وأطاع فلا حساب تم، وعن كعب ما أنعم الله على عبده في الدنيا نعمة فشكرها إلا أعطاه الله نفعها في الدنيا ورفع له بها درجة في الجنة وإن لم يشكرها منع نفعها في الدنيا وفتح له طبق في النار والطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر ومن الشكر أن تعرف أن النعمة فضل من الله عليك ولما نزلت قال الزبير يا رسول الله أي نعيم نسأل عنه وإنما هو الأسودان التمر والماء قال أما إنه سيكونا، وروى ابن مسعود ذلك النعيم الآمن والصحة وروى أبو هريرة "أول ما يسأل عنه النعيم ألم نصحح جسدك ونروك من الماء البارد وخرج صلى الله عليه وسلم فإذا بأبي بكر وعمر فقال ما أخرجكما من بيوتكما قالا الجوع يا رسول الله قال والذي نفسي بيده ما أخرجني إلا ما أخرجكما قوما فقاما معه فأتى رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت مرحبا وأهلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين فلان؟ يعني الرجل الأنصاري وهو زوجها واسمه بل كنيته ابو الهيثم بن التيهان قالت ذهب يستعذب لنا الماء إذ جاء فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ثم قال الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر ورطب وتمر فقال كولوا وأخذ المدية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك والحلوب فذبح لهم شاة فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا ولما شبعوا ورووه قال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر والذي نفسي بيده لتسئلن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم" وقيل ظل بارد ورطب طيب وماء بارد وروي أنه لا يسأل عن طعام تصدق منه ولو على كلب أو سنور وقيل بعده الحمد لله كثيرا ولا ما يأكله الصائم ولا ما يأكله مع مسلم ولا ما قال أوله بسم الله وآخره الحمد لله.
وعن ابن عباس النعيم صحة البدن والسمع والبصر يسأل فيم استعملت وهو أعلم بها منهم وقيل الصحة والفراغ والمال، وعنه صلى الله عليه وسلم
"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" وقيل النعيم المسؤول عنه تخفيف الشرائع وتيسير القرآن وقيل الإسلام فإنه أكبر النعم وقيل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه أنقذنا به من الضلال وفي رواية في حديث ابي الهيثم المذكور "انه لما اكلوا قالوا هذا هو النعيم الذي تسألون عنه فشق على اصحابه فقال صلى الله عليه وسلم اذا اصبتم مثل هذا وضربتم بايديكم فقولوا بسم الله وعلى بركته واذا شبعتم فقولوا الحمد لله الذي هو اشبعنا واروانا وانعم علينا وافضل فان هذا كفاك اي شكر" .
اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وببركة السورة اخز النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم.