{ ما المسيحُ ابن مريم إلاَّ رسول قد خلت من قبله الرسل } أَيْ: إنَّه رسولٌ ليس
بإلهٍ، كما أنَّ مَنْ قبله كانوا رسلاً { وأمه صديقة } صدَّقت بكلمات ربِّها وكتبه
{ كانا يأكلان الطعام } يريد: هما لحمٌ ودمٌ يأكلان ويشربان، ويبولان ويتغوَّطان،
وهذه ليست من أوصاف الإِلهيَّة { انظر كيف نبيِّن لهم الآيات } نفسِّر لهم أمر
ربوبيتي { ثم انظر أنى يؤفكون } يُصرفون عن الحقِّ الذي يؤدِّي إليه تدبُّر الآيات.
{ قل } للنَّصارى: { أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً } يعني:
المسيح؛ لأنَّه لا يملك ذلك إلاَّ الله عزَّ وجلَّ { والله هو السميع } لكفركم
{ العليم } بضميركم.
{ قل يا أهل الكتاب } يعني: اليهود والنَّصارى { لا تغلوا في دينكم } لا تخرجوا
عن الحدِّ في عيسى، وغُلوُّ اليهود فيه بتكذيبهم إيَّاه، ونسبته إلى أنَّه لغير رِشدة،
وغُلوُّ النصارى فيه ادِّعاؤهم الإِلهيَّة له، قوله: { غير الحق } أَيْ: مخالفين للحق
{ ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل } يعني: رؤساءهم الذين مضوا من
الفريقين: أَيْ: لا تتبعوا أسلافكم فيما ابتدعوه بأهوائهم { وضلوا عن سواء
السبيل } عن قصد الطَّريق بإضلالهم الكثير.
{ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل } يعني: أصحاب السَّبت، وأصحاب المائدة
{ على لسان داود } لأنَّهم لمَّا اعتدوا قال داود عليه السَّلام: اللَّهم العنهم واجعلهم
آيةً لخلقك، فمسخوا قردة [على لسان داود] { وعيسى ابن مريم } عليه السَّلام؛
لأنَّه لعن مَنْ لم يؤمن من أصحاب المائدة، فقال: اللهم العنهم كما لعنتَ
السَّبت، فمسخوا خنازير.
{ كانوا لا يتناهون } لا ينتهون { عن منكر فعلوه }.
{ ترى كثيراً منهم } من اليهود { يتولون الذين كفروا } كفَّار مكة { لبئس ما قدَّمت
لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم } بئسما قدَّموا من العمل لمعادهم في الآخرة
سُخطَ الله عليهم.