وقوله تعالى: { لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرٰءِيلَ } يعني اليهود { عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ } وذلك أن الله تعالى مسخهم قردة، حيث اصطادوا السمك يوم السبت، { وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } يعني وعلى لسان عيسى ابن مريم حيث دعا عليهم فمسخهم الله تعالى خنازير، ويقال: لعن الذين كفروا، أي: أُبْعِدوا من رحمة الله على لسان داود وعيسى ابن مريم. وقال الزجاج: يحتمل معنيين: أحدهما أنهم مسخوا بلعنتهما فجعلوا قردة وخنازير. وجائز أن يكون داود وعيسى لعنا من كفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - يعني، لعن الكفار الذين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: { ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }. يعني الذين أصابهم من اللعنة بما عصوا يعني بعصيانهم، وكانوا يعتدون في دينهم. { كَانُواْ لاَ يَتَنَـٰهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ } يعني لم يمتنعوا عن قبيح من الأفعال، ورضوا به، { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }. حين لم ينهوا عن المنكر. ثم قال { تَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ } قال مقاتل: يعني اليهود { يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من مشركي العرب. وقال الكلبي: { تَرَىٰ كَثِيراً } من المنافقين، { يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني اليهود. { لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ }. معناه لبئس الفعل الذي كانوا يستوجبون به السخط من الله تعالى ويوجب لهم العقوبة (والعذاب) { وَفِي ٱلْعَذَابِ هُمْ خَـٰلِدُونَ } يعني دائمون. ثم قال تعالى: { وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالْلهِ والنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ } (يعني المنافقين لو كانوا يصدقون بتوحيد الله ونبوة محمد حقيقة) وما أنزل إليه من القرآن { مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ } (يعني لو كان إيمان المنافقين حقيقة ما اتخذوا اليهود أولياء) في العون والنصرة { وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ } يعني ناقضين للعهد.