قوله: { وَيَسْئَلُونَكَ عَن ذِي القَرْنَيْنِ } فإنما سألته اليهود. { قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُم
مِّنْهُ ذِكْراً } أي: خبراً.
{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَءَاتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً } أي: بلاغاً لحاجته. وقال
بعضهم: علماً، وهو علمه الذي أُعْطِيَ. بلغنا أنه ملك مشارق الأرض ومغاربها.
{ فَأَتْبَعَ سَبَباً } أي: طرق الأرض ومنازلها. وقال بعضهم: منازل الأرض
ومعالمها. { حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } وهي تقرأ
على وجهين: حمئة وحامية.
ذكر عطاء قال: اختلف ابن عباس وعمرو بن العاص في عين حمئة؛ فقال
عمرو: حامية، وقال ابن عباس حمئة. فجعلا بينهما كعباً فقال كعب: نجدها في
التوراة تغرب في ماء وطين كما قال ابن عباس. وإنما يعني بالحمأة الطين والمنتن.
ومن قرأها حامية يقول: حارّة.
قال: { وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا القَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ } قال الحسن: يعني
القتل؛ وذلك حكم الله فيمن أظهر الشرك إلا من حكم عليه بالجزية من أهل الكتاب
إذا لم يسلم وأقر بالجزية، ومن تقبل منه الجزية اليوم. { وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً }
يعني العفو. قال: فحكَّموه، فحكَم بينهم، فوافق حكمُه حكمَ الله.