قوله عزّ وجلّ: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ }، لا تشغلكم { أَمْوَٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } قال المفسرون يعني الصلوات الخمس, نظيره قوله:
{ { لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـٰرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } [النور: 37] { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } أي من شغله ماله وولده عن ذكر الله { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُون }. { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَـٰكُمْ }، قال ابن عباس: يريد زكاة الأموال، { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلموتُ }، فيسأل الرجعة، { فَيَقُولُ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِي }، هلا أخرتني أمهلتني، وقيل: "لا" صلة, فيكون الكلام بمعنى التمني, أي: لو أخرتني، { إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّق }، فأتصدق وأزكي مالي، { وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِين }، أي من المؤمنين.
نظيره قوله تعالى:
{ { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ءَابَائِهِمْ } [الرعد: 23] [غافر: 8]، هذا قول مقاتل وجماعة، وقالوا: نزلت الآية في المنافقين. وقيل: نزلت الآية في المؤمنين.
والمراد بالصلاح هنا: الحج. وروى الضحاك, وعطية عن ابن عباس قال: ما من أحد يموت وكان له مال لم يؤدِّ زكاته وأطاق الحج فلم يحج إلا سأل الرجعة عند الموت. وقرأ هذه الآية.
وقال: { وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِين } قرأ أبو عمرو "وأكونَ" بالواو ونصب النون على جواب التمني وعلى لفظ فأصدق، قال: إنما حذفت الواو من المصحف اختصاراً.
وقرأ الآخرون: "وأكنْ" بالجزم عطفاً على قوله "فأصدَّق" لو لم يكن فيه الفاء, لأنه لو لم يكن فيه فاء كان جزماً. يعني: إن أخرتني أصدق وأكن، ولأنه مكتوب في المصحف بحذف الواو.