التفاسير

< >
عرض

وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
٩
-القلم

روح المعاني

{ وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ } لأنه تعليل للنهي أو للانتهاء، وإنما عبر عنها بالطاعة للمبالغة في التنفير، أي أَحَبُّوا لو تُلاينهم وتُسامحهم في بعض الأمور { فَيُدْهِنُونَ } أي فهم يدهنون حينئذ أو فهم الآن يدهنون طعماً في ادهانك، فالفاء للسببية داخلة على جملة مسببة عما قبلها وقدر المبتدأ لمكان رفع بالفعل والفرق بين الوجهين أن المعنى على أنهم تمنوا لو تدهن فتترتب مداهنتهم على مداهنتك ففيه ترتب إحدى المداهنتين على الأخرى في الخارج و(لو) فيه غير مصدرية وعلى الثاني هي مصدرية والترتب ذهني على ودادتهم وتمنيهم. وجوز أن تكون الفاء لعطف (يدهنون) على (تدهن) على أنه داخل معه في حيز (لو) متمنى مثله والمعنى ودوا لو يدهنون عقيب ادهانك. وما تقدم أبعد عن القيل والقال وأيّاً ما كان فالمعتبر في جانبهم حقيقة الادهان الذي هو إظهار الملاينة وإضمار خلافها وأما في جانبه عليه الصلاة والسلام فالمعتبر بالنسبة إلى ودادتهم هو إظهار الملاينة فقط وأما إضمار خلافها فليس في حيز الاعتبار بل هم في غاية الكراهة له وإنما اعتباره بالنسبة إليه عليه الصلاة والسلام. وفي بعض المصاحف كما قال هٰرون (فيدهنوا) بدون نون الرفع فقيل هو منصوب في جواب التمني المفهوم من { وَدُّواْ }، وقيل إنه عطف على { تُدْهِنُ } بناء على أن (لو) بمنزلة أن الناصبة فلا يكون لها جواب وينسبك منها ومما بعدها مصدر يقع مفعولاً لودوا / كأنه قيل ودوا أن تدهن فيدهنوا ولعل هذا مراد من قال إنه عطف على توهم أن، وجمهور النحاة على أن (لو) على حقيقتها وجوابها محذوف وكذا مفعول { وَدُّواْ } أي ودوا ادهانك لو تدهن فيدهنون لسروا بذلك.