فإن الإيمان الذي لا يبقى معه سلطان الشيطان كما قال تعالى: { إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا } أقل درجاته اليقين العلمي الذي محله القلب الصافي ولا يكفي هذا اليقين في نفي سلطانه إلا إذا كان مقروناً بشهود الأفعال الذي هو مقام التوكل كما قال تعالى: { وعلى ربّهم يتوكلون } والفناء في الأفعال لا يمكن مع بقاء صفات النفس، إذ بقاء صفاتها يستدعي أفعالها، ولهذا قيل: لا يمكن إيفاء حق مقام وتصحيحه وإحكامه إلا بعد الترقي إلى ما فوقه، فبالترقي إلى مقام الصفات يتم فناء الأفعال فيصح التوكل. { إنما سلطانه على الذين يتولونه } في مقام النفس بالمناسبة التي بينهما في الظلمة والكدورة، إذ التولي مرتب على الجنسية { والذين هم به مشركون } بنسبة القوة والتأثير إليه، بل بطاعته وانقياد أوامره للتولي المذكور.