يقول تعالـى ذكره: وأيّ الناس أشدّ تعذيبـاً مـمن اختلق علـى الله كذبـاً فكذب علـيه، أولئك يُعْرضون علـى ربهم، ويقول الأشهاد: هؤلاء الذين يكذِبون علـى ربهم يعرَضون يوم القـيامة علـى ربهم، فـيسألهم عما كانوا فـي دار الدنـيا يعملون. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قوله: {ومَنْ أظْلَـمُ مِـمَّنِ افْتَرَى علـى اللَّهِ كَذِبـاً} قال: الكافر والـمنافق {أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ علـى رَبِّهِمْ} فـيسألهم عن أعمالهم.
وقوله: {وَيَقُولُ الأشْهادُ} يعنـي الـملائكة والأنبـياء الذين شهدوهم وحفظوا علـيهم ما كانوا يعملون، وهم جمع شاهد مثل الأصحاب الذي هو جمع صاحب {هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا علـى رَبِّهِمْ} يقول: شهد هؤلاء الأشهاد فـي الآخرة علـى هؤلاء الـمفترين علـى الله فـي الدنـيا، فـيقولون: هؤلاء الذين كذبوا فـي الدنـيا علـى ربهم. يقول الله: {ألاَ لَعْنَةُ اللَّهِ علـى الظَّالِـمِينَ} يقول: ألا غضب الله علـى الـمعتدين الذين كفروا بربهم.
وبنـحو ما قلنا فـي قوله {وَيَقُولُ الأشْهادُ} قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا نـمير بن نـمير، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: {وَيَقُولُ الأشْهادُ} قال: الـملائكة.
حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: الـملائكة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد،قال: ثنا سعيد، عن قتادة: {وَيَقُولُ الأشْهادُ} والأشهاد: الـملائكة، يشهدون علـى بنـي آدم بأعمالهم.
حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: {الأشْهاد} قال: الـخلائق، أو قال: الـملائكة.
حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، بنـحوه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: {وَيَقُولُ الأشْهادُ} الذين كان يحفظون أعمالهم علـيهم فـي الدنـيا {هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا علـى رَبِّهِمْ} حفظوه وشهدوا به علـيهم يوم القـيامة. قال ابن جريج: قال مـجاهد: الأشهاد: الـملائكة.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن سفـيان، قال: سألت الأعمش، عن قوله: {وَيَقُولُ الأشْهادُ} قال: الـملائكة.
حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ، قال: ثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: {وَيَقُولُ الأشْهادُ} يعنـي الأنبـياء والرسل، وهو قوله: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِـي كُلّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَـيْهِمْ مِنْ أنْفُسِهِمْ وَجِئنا بِكَ شَهِيداً علـى هَؤُلاءِ}. قال: وقوله: {وَيَقُولُ الأشْهادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا علـى رَبِّهِمْ} يقولون: يا ربنا أتـيناهم بـالـحقّ فكذّبوا، فنـحن نشهد علـيهم أنهم كذبوا علـيك يا ربنا.
حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا ابن أبـي عديّ، عن سعيد وهشام، عن قتادة، عن صفوان بن مـحرز الـمازنـي، قال: بـينا نـحن بـالبـيت مع عبد الله بن عمر وهو يطوف، إذ عرض له رجل فقال: يا ابن عمر ما سمعتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فـي النـجوى؟ فقال: سمعت نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"يَدْنُو الـمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ حتـى يَضَعَ عَلَـيْهِ كَنَفَهُ فَـيُقَرّرُهُ بذنُوبِهِ، فَـيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُ كَذَا؟ فَـيَقُولُ: رَبّ أعْرِفُ. مَرَّتَـينِ. حتـى إذَا بَلَغَ بِهِ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَبْلُغَ، قال: فإنّـي قَدْ سَترْتُها عَلَـيْكَ فِـي الدُّنْـيا وأنا أغْفِرُها لَكَ الـيَوْمَ" قالَ: "فَـيُعْطَى صحِيفَةَ حَسَناتِهِ أوْ كِتابَهُ بِـيَـمِينِهِ. وأمَّا الكُفَّـارُ والـمُنافِقُونَ، فَـيُنادَى بِهِمْ علـى رُءوسِ الأشْهادِ: ألا هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا علـى رَبِّهِمْ ألا لَعْنَةُ اللَّهِ علـى الظَّالِـمِينَ" . حدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن علـية، قال: ثنا هشام، عن قتادة، عن صفوان بن مـحرز، عن ابن عمر، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم، نـحوه. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: كنَّا نـحدّث أنه لا يخزي يومئذ أحد فـيخفـي خزيه علـى أحد مـمن خـلق الله أو الـخلائق.