التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ
٨
-الرعد

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره: { { وَإنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلهُمْ أئِذَا كُنَّا تُرَابـاً أئِنَّا لَفِـي خَـلْقٍ جَدِيدٍ } منكرين قدرة الله علـى إعادتهم خَـلقاً جديداً بعد فنائهم وبلائهم، ولا ينكرون قدرته علـى ابتدائهم وتصويرهم فـي الأرحام وتدبـيرهم وتصريفهم فـيها حالاً بعد حال. فـابتدأ الـخبر عن ذلك ابتداء، والـمعنى فـيه ما وصفت، فقال جلّ ثناؤه: { اللّهُ يَعْلَـمُ ما تَـحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدَادُ } يقول: وما تنقص الأرحام من حملها فـي الأشهر التسعة بإرسالها دم الـحيض، وما تزداد فـي حملها علـى الأشهر التسعة لتـمام ما نقص من الـحمل فـي الأشهر التسعة بـارسالها دم الـحيض. { وكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِـمِقْدَارٍ } لا يجاوز شيء من قَدَره عن تقديره، ولا يقصر أمر أراده فدبره عن تدبـيره، كما لا يزداد حمل أنثى علـى ما قدر له من الـحمل، ولا يقصر عما حدّ له من القَدْر والـمِقدار، مفعال من القدر.

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي يعقوب بن ماهانَ، قال: ثنا القاسم بن مالك، عن داود بن أبـي هند، عن عكرمة، عن ابن عبـاس فـي قوله: { يَعْلَـمُ ما تَـحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: ما رأت الـمرأة من يوم دماً علـى حملها زاد فـي الـحمل يوماً.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { اللّهُ يَعْلَـمُ ما تَـحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } يعنـي السِّقط. { وَما تَزْدَادُ } يقول: ما زادت الرحم فـي الـحمل علـى ما غاضت حتـى ولدته تـماماً وذلك أن من النساء من تـحمل عشرة أشهر ومنهنّ من تـحمل تسعة أشهر، ومنهنّ من تزيد فـي الـحمل ومنهنّ من تنقص، فذلك الغيَض والزيادة التـي ذكر الله، وكلّ ذلك بعلـمه.

حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، قال: ثنا عبد السلام، قال: ثنا خَصِيف، عن مـجاهد أو سعيد بن جبـير فـي قول الله: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: غيضها دون التسعة، والزيادة فوق التسعة.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن مـجاهد، أنه قال: الغيض: ما رأت الـحامل من الدم فـي حملها، فهو نقصان من الولد، والزيادة: ما زاد علـى التسعة أشهر، فهو تـمام للنقصان وهو زيادة.

حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبـي بشر، عن مـجاهد، فـي قوله: { وَماتَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدَادُ } قال: ما ترى من الدم، وما تزداد علـى تسعة أشهر.

حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبـي بشر، عن مـجاهد، أنه قال: { يَعْلَـمُ ما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدَادُ } قال: ما زاد علـى التسعة الأشهر وما تغيض الأرحام: قال: الدم تراه الـمرأة فـي حملها.

حدثنـي الـمثنى، ثنا عمرو بن عون والـحجاج بن الـمنهال، قالا: ثنا هشيـم، عن أبـي بشر، عن مـجاهد، فـي قوله: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدَادُ } قال: الغيض: الـحامل ترى الدم فـي حملها فهو الغيض، وهو نقصان من الولد، وما زاد علـى تسعة أشهر فهو تـمام لذلك النقصان، وهي الزيادة.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد،قال: ثنا عبد السلام، عن خصيف، عن مـجاهد: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدَادُ } قال: إذا رأت دون التسعة زاد علـى التسعة مثل أيام الـحيض.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: خروج الدم. { وَما تَزْدَادُ } قال: استـمساك الدم.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } إراقة الـمرأة حتـى يَخس الولد. { وَما تَزْدَادُ } قال: إن لـم تهرق الـمرأة تـمّ الولد وعظُم.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا شبـابة، قال: ثنا شعبة، عن جعفر، عن مـجاهد، فـي قوله: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدَادُ } قال: الـمرأة ترى الدم وتـحمل أكثر من تسعة أشهر.

حدثنا الـحسن، قال: ثنا مـحمد بن الصبـاح، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبـير، فـي قوله: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: هي الـمرأة ترى الدم فـي حملها.

قال: ثنا شبـابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { وَما تَغِيضُ الأرحامُ وَما تَزْدَادُ } إهراق الدم حتـى يخس الولد، وتزداد إن لـم تهرق الـمرأة تـمّ الولد وعظم.

قال: ثنا الـحكم بن موسى، قال: ثنا هقل، عن عثمان بن الأسود، قال: قلت لـمـجاهد: امرأتـي رأت دماً، وأرجو أن تكون حاملاً قال أبو جعفر: هكذا هو فـي الكتاب فقال مـجاهد: ذاك غيض الأرحام { يَعْلَـمُ ما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدادُ وكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِـمِقْدارٍ }. الولد لا يزال يقع فـي النقصان ما رأت الدم، فإذا انقطع الدم وقع في الزيادة، فلا يزال حتـى يتـم، فذلك قوله: { وَمَا تَغِيضُ الأرْحامُ وَمَا تَزْدَادُ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِـمِقْدَارٍ }.

قال: ثنا مـحمد بن الصباح، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن مـجاهد، فـي قوله: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدَادُ } قال: الغَيْض: الـحامل ترى الدم فـي حملها، وهو الغَيض، وهو نقصان من الولد، فما زادت علـى التسعة الأشهر، فهي الزيادة، وهو تـمام للولادة.

حدثنا ابن الـمثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود، عن عكرمة فـي هذه الآية: { اللّهُ يَعْلَـمُ ما تَـحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: كلـما غاضت بـالدم زاد ذلك فـي الـحمل.

قال: ثنا عبد الأعلـى، قال: ثنا داود، عن عكرمة نـحوه.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا عبـاد بن العوّام، عن عاصم، عن عكرمة: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: غيض الرحم: الدم علـى الـحمل كلـما غاض الرحم من الدم يوما زاد فـي الـحمل يوماً حتـى تستكمل وهي طاهرة.

قال: ثنا عبـاد، عن سعيد، عن يَعْلـى بن مسلـم، عن سعيد بن جبـير، مثله.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا الولـيد بن صالـح، قال: ثنا أبو يزيد، عن عاصم، عن عكرمة فـي هذه الآية: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: هو الـحيض علـى الـحمل. { وَما تَزْدَادُ } قال: فلها بكلّ يوم حاضت علـى حملها يوم تزداده فـي طهرها حتـى تستكمل تسعة أشهر طاهراً.

قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا عمران بن حدير، عن عكرمة، فـي قوله: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدَادُ } قال: ما رأت الدم فـي حملها زاد فـي حملها.

حدثنا عبد الـحميد بن بـيان، قال: أخبرنا إسحاق، عن جويبر، عن الضحاك، فـي قوله: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدَادُ } ما تغيض: أقلّ من تسعة، وما تزداد: أكثر من تسعة.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا ابن المبارك، عن الـحسن بن يحيى، قال: سمعت الضحاك يقول: قد يُولد الـمولود لسنتـين، قد كان الضحاك ولد لسنتـين، والغيض: ما دون التسعة، وما تزداد: فوق تسعة أشهر.

قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن جويبر، عن الضحاك: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدادُ } قال: دون التسعة، وما تزداد: قال: فوق التسعة.

قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن جويبر، عن الضحاك، قال: ولدت لسنتـين.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن الـحسن بن يحيى، قال: ثنا الضحاك: أن أمه حملته سنتـين، قال: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: ما تنقص من التسعة { وَما تَزْدَادُ } قال: ما فوق التسعة.

قال: ثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيـم، عن جويبر، عن الضحاك، فـي قوله: { اللّهُ يَعْلَـمُ ما تَـحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: كلّ أنثى من خـلق الله.

قال: ثنا هشيـم، عن جويبر، عن الضحاك، ومنصور عن الـحسن، قالا: الغَيْض ما دون التسعة الأشهر.

قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن داود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن جميـلة بنت سعد، عن عائشة قالت: لا يكون الـحمل أكثر من سنتـين، قدر ما يتـحولّ ظلّ مغزل.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا فضيـل بن مرزوق، عن عطية العوفـي: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: هو الـحمل لتسعة أشهر وما دون التسعة. { وَما تَزْدَادُ } قال: علـى التسعة.

قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا عمرو بن ثابت عن أبـيه، عن سعيد بن جبـير: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: حيض الـمرأة علـى ولدها.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { وَمَا تَغِيضُ الأرْحامٌ وَما تَزْدَادُ }. قال: الغيض: السِّقْط وما تزداد: فوق التسعة الأشهر.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن سعيد بن جبـير: إذا رأت الـمرأة الدم علـى الـحمل، فهو الغيض للولد. يقول: نقصان فـي غذاء الولد، وهو زيادة فـي الـحمل.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { اللّهُ يَعْلَـمُ ما تَـحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدَادُ } قال: كان الـحسن يقول: الغيضوضة أن تضع الـمرأة لستة أشهر أو لسبعة أشهر، أو لـما دون الـحدّ. قال قتادة: وأما الزيادة، فما زاد علـى تسعة أشهر.

حدثنـي الـحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا قـيس، عن سالـم الأفطس، عن سعيد بن جبـير، قال: غيض الرحم: أن ترى الدم علـى حملها، فكلّ شيء رأت فـيه الدم علـى حملها ازدادت علـى حملها مثل ذلك.

قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا حماد بن سلـمة، عن قـيس بن سعد، عن مـجاهد، قال: إذا رأت الـحاملُ الدم كان أعظم للولد.

حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: ثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ وَما تَزْدَادُ } الغيض: النقصان من الأجل، والزيادة: ما زاد علـى الأجل وذلك أن النساء لا يـلدن لعدّة واحدة، يولد الـمولود لستة أشهر فـيعيش، ويولد لسنتـين فـيعيش، وفـيـما بـين ذلك. قال: وسمعت الضحاك يقول: ولدت لسنتـين، وقد نبتت ثناياي.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وَما تَغِيضُ الأرْحامُ } قال: غيض الأرحام: الإهراقة التـي تأخذ النساء علـى الـحمل، وإذا جاءت تلك الإهراقة لـم يعتدّ بها من الـحمل ونقص ذلك حملها حتـى يرتفع ذلك وإذا ارتفع استقبلت عِدة مستقبلة تسعة أشهر وأما ما دامت ترى الدم فإن الأرحام تغيض وتنقص والولد يرقّ، فإذا ارتفع ذلك الدم ربـا الولد واعتَدّت حين يرتفع عنها ذلك الدم، عِدَّة الـحمل تسعة أشهر، وما كان قبله فلا تعتدّ به هو هِراقة يُبْطل ذلك أجمع أكتع.

وقوله: { وكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِـمِقْدَارٍ }.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { وكُل شَيْءٍ عِنْدَهُ بِـمِقْدَارٍ } إي والله، لقد حفظ علـيهم رزقهم وآجالهم، وجعل لهم أجلاً معلوماً.