التفاسير

< >
عرض

وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ
١٧
إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ
١٨
-الحجر

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره: وحفظنا السماء الدنيا من كلّ شيطان لعين قد رجمه الله ولعنه. { إلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ } يقول: لكن قد يسترق من الشياطين السمع مـما يحدث فـي السماء بعضها، فـيتبعه شهاب من النار مبـين يبـين أثره فـيه، إما بإخبـاله وإفساده أو بإحراقه.

وكان بعض نـحويـي أهل البصرة يقول فـي قوله: { إلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ } هو استثناء خارج، كما قال: ما أشتكي إلا خيراً، يريد: لكن أذكر خيراً. وكان ينكر ذلك من قـيـله بعضهم، ويقول: إذا كانت «إلا» بـمعنى «لكن» عملت عمل «لكن»، ولا يحتاج إلـى إضمار «أذكر»، ويقول: لو احتاج الأمر كذلك إلـى إضمار «أذكر» احتاج قول القائل: قام زيد لا عمرو إلـى إضمار «أذكر».

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا عفـان بن مسلـم، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا الأعمش عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، قال: تصعد الشياطين أفواجاً تسترق السمع، قال: فـيفرد الـمارد منها فـيعلو، فـيرمى بـالشهاب فـيصيب جبهته أو حيث شاء الله منه فـيـلتهب، فـيأتـي أصحابه وهو يـلتهب، فـيقول: إنه كان من الأمر كذا وكذا. قال: فـيذهب أولئك إلـى أخوانهم من الكهنة، فـيزيدون علـيه أضعافه من الكذب، فـيخبرونهم به، فإذا رأوا شيئاً مـما قالوا قد كان صدّقوهم بـما جاءوهم به من الكذب.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { وَحَفِظْناها مِنْ كُلّ شَيْطَانٍ رَجِيـمٍ إلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ } قال: أراد أن يخطف السمع، وهو كقوله: { إلاَّ مَنْ خَطِفَ الـخَطْفَةَ }.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { إلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ } وهو نـحو قوله: { إلاَّ مَنْ خَطِفَ الـخَطْفَةَ فأتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ }.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قوله: { إلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ } قال: خطف الـخطفة.

حدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول، فـي قوله: { إلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ } هو كقوله: { { إلاَّ مَنْ خَطِفَ الـخَطْفَةَ فأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقبٌ } كان ابن عبـاس يقول: إن الشهب لا تقتل ولكن تـحرق وتـخبل وتـخرج من غير أن تقتل.

حدثنـي الـحرث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: { مِنْ كُلّ شَيْطانٍ رَجيـمٍ } قال: الرجيـم: الـملعون. قال: وقال القاسم عن الكسائي إنه قال: الرجم فـي جميع القرآن: الشتـم.