التفاسير

< >
عرض

فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً
١٠٣
وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً
١٠٤
-الإسراء

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره: فأراد فرعون أن يستفزّ موسى وبنـي إسرائيـل من الأرض، { فَأَغْرَقْناهُ } فـي البحر، { وَمَن مَعَهُ } من جنده { جَمِيعاً }، ونـجَّينا موسى وبنـي إسرائيـل، وقلنا لهم مِنْ بَعْدِ هلاك فرعون { اسْكُنُوا الأرْضَ } أرض الشام { فإذَا جاءَ وَعْدُ الآخَرِةِ جئْنا بكُمْ لَفـيفـاً } يقول: فإذا جاءت الساعة، وهي وعد الآخرة، جئنا بكم لفـيفـا: يقول: حشرناكم من قبوركم إلـى موقـف القـيامة لفـيفـا: أي مختلطين قد التفّ بعضكم علـى بعض، لا تتعارفون، ولا ينـحاز أحد منكم إلـى قبـيـلته وحيِّه، من قولك: لففت الـجيوش: إذا ضربت بعضها ببعض، فـاختلط الـجميع، وكذلك كلّ شيء خُـلط بشيء فقد لُفّ به.

وقد اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم نـحو الذي قلنا فـيه. ذكر من قال ذلك:

حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن منصور، عن ابن أبـي رَزِين { جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـاً } قال: من كلّ قوم.

وقال آخرون: بل معناه: جئنا بكم جميعا. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـاً } قال: جميعاً.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـاً } جميعاً.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله { فإذَا جاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـاً }: أي جميعاً، أولكم وآخركم.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فـي قوله { جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـاً } قال: جميعاً.

حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: ثنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله { جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـاً } يعنـي جميعاً. ووحَّد اللفـيف، وهو خبر عن الـجميع، لأنه بـمعنى الـمصدر كقول القائل: لففته لفَّـاً ولفـيفـاً.